للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالك تحمل الغاصب الضمان. وللفقهاء كلام مطول في هذا الشأن نلخصه فيما يأتي:

أـ قال الحنفية (١): إذا قال الغاصب: هلك المغصوب في يدي (أي قضاء وقدراً) ولم يصدقه المغصوب منه، ولا بينة للغاصب، فالقاضي يحبس الغاصب مدة يظهر فيها عادة لو كان قائماً، ثم يقضي عليه بالضمان؛ لأن الحكم الأصلي للغصب هو ـ كما تقدم ـ وجوب رد عين المغصوب؛ وأما القيمة فهي بدل (أو خلف) عنه، وإذا لم يثبت العجز عن الأصل، لا يُقضى بالقيمة التي هي خلَف.

ولو اختلف الغاصب والمالك في أصل الغصب، أو في جنس المغصوب ونوعه، أو قدره، أو صفته، أو قيمته وقت الغصب، فالقول قول الغاصب بيمينه في ذلك كله؛ لأن المالك يدعي عليه الضمان، وهو ينكر، فكان القول قوله؛ لأن اليمين في الشرع على من أنكر.

ولو ادعى الغاصب رد المغصوب إلى المالك، أو ادعى أن المالك هو الذي أحدث العيب في المغصوب، فلا يصدق الغاصب إلا ببينة؛ لأن البينة في الشرع على المدعي.

ولو تعارضت البينتان، فأقام المالك البينة على أن الدابة أو السيارة مثلاً تلفت عند الغاصب من ركوبه، وأقام الغاصب البينة على أنه ردها إلى المالك، فتقبل بينة المالك، وعلى الغاصب قيمة المغصوب؛ لأن بينة الغاصب لا تَدْفع بينة المغصوب منه؛ لأنها قامت على رد المغصوب، ومن الجائز أنه ردها، ثم غصبها ثانياً وركبها، فتلفت في يده.


(١) البدائع: ١٦٣/ ٧ وما بعدها، تكملة الفتح: ٣٨٧/ ٧، اللباب مع الكتاب: ١٩٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>