وقال زفر من الحنفية: الحوالة لا توجب براءة المحيل، ويبقى الحق في ذمته بعد الحوالة على ما كان عليه قبلها، وقاس الحكم على الكفالة، إذ كل واحد منهما عقد توثق.
وهذا ليس بصحيح؛ لأن الحوالة مشتقة من التحويل وهو نقل الحق فكان معنى الانتقال لازماً فيها، والشيء إذا انتقل إلى موضع لا يبقى في المحل الأول، ومعنى التوثق يحصل بسهولة التوصل إلى الحق باختيار الأكثر ملاءة والأحسن قضاء.
أما الكفالة: فهي مشتقة من الضم أي ضم ذمة إلى ذمة، فعلق على كل من الكفالة والحوالة مقتضاه، وما دل عليه لفظه؛ لأن أحكام العقود الشرعية تتنزل على وفق المعاني اللغوية (١).
واختلف أئمة الحنفية في كيفية النقل الذي يتم بالحوالة: فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إنها نقل المطالبة والدين جميعاً من ذمة المدين إلى ذمة المحال عليه، ولكن الدين يعود إلى ذمة المدين إذا توي عند المحال عليه (والتوى: هو الموت مفلساً، وجحود الحوالة ولا بينة، وزاد الصاحبان: الإفلاس وهو حي). فلو أبرأ الدائن المحال عليه من الدين، صح الإبراء، ولو أبرأ المدين لا يصح، وقال محمد: إنها نقل المطالبة وحدها دون الدين، فأصل الدين باق في ذمة المحيل. وقد استدل كل منهم بأدلة يظهر منها أن أدلة الفريق الأول أرجح بدليل أنه لو أبرئ