وأجاب الحنابلة: بأن السنة أصل، فكيف تردها الأصول؟! وأما الحديث الناسخ فهو عام، وحديث الرهن خاص، فيكون الخاص مقيداً له.
وأرى الأخذ بهذا الاستثناء الوارد عند الحنابلة؛ لأن الحديث صحيح. وفيما عداه القول الراجح هو ما عليه اتفاق المذاهب، بدليل أن الحنابلة قالوا:
إن شرط في الرهن أن ينتفع به المرتهن، فالشرط فاسد؛ لأنه ينافي مقتضى الرهن، وأما الرهن في البيع فجائز لأنه بيع وإجارة كما قال الشافعية.
[المطلب السادس ـ التصرف في الرهن]
إما أن يصدر التصرف في الرهن من الراهن أو من المرتهن.
أولاً ـ تصرف الراهن بالرهن: أـ قبل التسليم: ينفذ عند الحنفية والشافعية والحنابلة تصرف الراهن بالرهن قبل القبض بدون إذن المرتهن؛ لأنه لم يتعلق به حق المرتهن حينئذ.
أما المالكية (١) القائلون بأن الرهن يلزم بالإيجاب والقبول، وبأن الراهن يجبر على تسليم الرهن للمرتهن، فيجيزون ـ بالرغم مما ذكر ـ للراهن أن يتصرف في الرهن قبل القبض، فلو باع الراهن الرهن المشترط في عقد البيع أو القرض نفذ بيعه، إن فرط مرتهنه في طلبه حتى باعه، وصار دينه بلا رهن لتفريطه. فإن لم يفرط في الطلب وجدَّ في المطالبة، ففيه ثلاثة آراء:
الأول لابن القصار: وهو أن للمرتهن رد البيع ولا ينفذ، إن كان المبيع باقياً. وإن فات (ذهب من يد البائع) كان ثمنه رهناً عنده مكانه، وينفذ البيع.