للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو جمع بين الأحاديث حسن وإعمال لها من غير مخالفة لظاهرها بالاختصاص ولا نسخ ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث (١).

لبن الفحل: الفحل: الرجل المتزوج بالمرأة المرضعة إذا كان لبنها منه. والحكم المقرر لدى جمهور الصحابة والتابعين وأئمة الاجتهاد: أن اللبن للفحل فهو الذي يتعلق به التحريم، أي أنه حق الرجل، وقد حدث بسببه، ولا تنقطع نسبة اللبن عن زوج مات أو طلق، فبه يصبح زوج المرضع أباً للرضيع، وتصبح المرضع به أيضاً أماً للرضيع، ويحرم الطفل على الرجل وأقاربه، كما يحرم ولده من النسب، ويصير أولاد الزوج كلهم إخوة الرضيع، سواء أكانوا من تلك الزوجة المرضع، أم من زوجة أخرى غيرها (٢)، أخرج الأئمة الستة عن عائشة، قالت: «دخل عليّ أفلح بن أبي القعيس، فاستترت منه، فقال: تستترين مني وأنا عمك؟ قالت: من أين؟ قال: أرضعتك امرأة أخي، قالت: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل، فدخل علي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: إنه عمك، فليلج عليك».

[حكمة التحريم بالرضاع]

يحدث التحريم بالرضاع بسبب تكوّن أجزاء البنية الإنسانية من اللبن، فلبن المرأة ينبت لحم الرضيع، وينشز عظمه أي يكبر حجمه، كما جاء في الحديث: «لا رضاع إلا ما أنشز العظم، وأنبت اللحم» (٣) فإن إنشاز العظم، وإنبات اللحم، إنما يكون لمن كان غذاؤه اللبن، وبه تصبح المرضع أما ً للرضيع؛ لأنه جزء منها حقيقة.


(١) سبل السلام: ٢١٣/ ٣ - ٢١٦.
(٢) المغني: ٥٧٢/ ٦، اللباب: ٣٢/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٢٠٦، مغني المحتاج: ٤١٨/ ٣، المقدمات الممهدات لابن رشد: ٤٩٢/ ١.
(٣) نيل الأوطار: ٣١٦/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>