للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووافق الحنابلة على اعتبار الشبهة الثانية والثالثة دارئة الحد، أما شبهة الفاعل فلا تدرأ الحد (١).

أما الشبهة الأولى عند الشافعية والمالكية فدرأت الحد؛ لأن الفاعل غير آثم لاعتقاده الإباحة، والنسب لاحق به، والعدة واجبة على الموطوءة، والمهر واجب عليه.

أما الشبهة الثانية: فدرأت الحد؛ لأن ما فيها له من ملك يقتضي الإباحة، وما فيها من ملك غيره يقتضي التحريم، فلا تكون المفسدة فيه كمفسدة الزنا المحض، فيحصل الاشتباه بسبب عدم وجود مقتض للحد في حقه، وإن وجد موجب الحد بسبب ملك غيره.

وأما الشبهة الثالثة، فليس اختلاف العلماء هو الشبهة، وإنما الشبهة ناجمة عن التعارض بين أدلة التحريم والتحليل، فإن الحلال: ما قام دليل تحليله، والحرام: ما قام دليل تحريمه، وليس أحدهما أولى من الآخر، كما أن ملك أحد الشريكين يقتضي التحليل، وملك الآخر يقتضي التحريم.

وإنما غلب درء الحد مع تحقق الشبهة؛ لأن المصلحة العظمى في استيفاء الإنسان عبادة الله الديان، والحدود أسباب محظرة لا تثبت إلا عند كمال المفسدة وتمحضها.

الجهل بتحريم الزنا: يعذر الجاهل بالتحريم إن كان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة عن العلماء، أو كان مجنوناً فأفاق وزنى قبل أن يعلم الأحكام (٢).


(١) المغني: ١٨١/ ٨ - ١٨٤.
(٢) المهذب: ٢٦٨/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>