للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يفتكه في الوقت المشروط. وفي هذا رد على ما كان في الجاهلية، من أن المرتهن كان يتملك الرهن إذا لم يؤد الراهن إليه ما يستحقه في الوقت المعيّن، فأبطله الشارع. والحكمة من تشريع الرهن توثيق الديون، فكما أن الكفالة توثق الدين شخصياً، يوثق الرهن الدين مالياً، تسهيلاً للقروض. والرهن يفيد الدائن بإعطائه حق الامتياز أو الأفضيلة على سائر الدائنين الغرماء.

وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز الرهن.

أما الكفالة أو الكتابة أو الإشهاد فلا تُحقق بنحو مؤكد مصلحة الدائن؛ لأن الرهن وثيقة بالدين في يد المرتهن مقابل حقه، ويتمكن من استيفاء دينه منه ببيعه بإذن القاضي أو بإذن مالكه الراهن. ويحقق الرهن أيضاً مصلحة الراهن بالحصول على الدين أي النقد، أو بتأجيل الثمن بدفع متاع يكون رهناً، فيكون الرهن محققاً مصلحة الطرفين.

وحكم الرهن التكليفي شرعا ً: أنه جائز غير واجب بالاتفاق؛ لأنه وثيقة بالدين، فلم يجب، كما لم تجب الكفالة. وقوله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة:٢٨٣/ ٢] أمر إرشاد للمؤمنين، لا إيجاب عليهم، بدليل قوله تعالى عقبه: {فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته} [البقرة:٢٨٣/ ٢]، ولأنه تعالى أمر به عند عدم وجود الكاتب، وبما أن الكتابة غير واجبة، بدليل: {فإن أمن ... } [البقرة:٢٨٣/ ٢] فكذلك بدلها (١).

[ركن الرهن وعناصره]

للرهن عناصر أربعة: هي الراهن، والمرتهن، والمرهون، والمرهون به. فالراهن: معطي الرهن، والمرتهن: آخذه، والمرهون أو الرهن: ما أعطي من المال وثيقة للدين، والمرهون به هو الدين.


(١) المغني: ٣٢٧/ ٤، كشاف القناع: ٣٠٧/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>