والخلاصة: أن الراجح عند الحنفية هو أن الكفيل لا يرجع على الأصيل في قول الدائن للكفيل: (برئت) بدون إلي أو (أبرأتك) لأنه إبراء لا إقرار بالقبض.
رجوع الكفيل على الأصيل حالة تعدد الكفلاء: إذا كفل رجلان رجلاً بألف ليرة مثلاً، ولم يكفل كل واحد منهما عن صاحبه، فأدى أحدهما ما عليه، فلا يرجع على صاحبه بشيء مما أدى؛ لأنه أدى عن نفسه لا عن صاحبه، ولكنه يرجع على الأصيل؛ لأنه كفيل عنه بأمره.
فإن كفل واحد منهما عن صاحبه بما عليه، فالقول قول الكفيل فيما أدى أنه من كفالة الكفيل الآخر، أو من كفالة نفسه؛ لأنه لزمه المطالبة بالمال من وجهين:
أحدهما ـ من جهة كفالة نفسه عن الأصيل.
والثاني ـ من جهة الكفالة عن صاحبه. وليس أحد الوجهين أولى من الآخر، فكان له ولاية الأداء عن أيهما شاء.
وإذا كفل كل واحد منهما عن صاحبه بما عليه، فما أدى كل واحد منهما، يكون عن نفسه إلى نصف المكفول به: وهو خمس مئة ليرة في مثالنا. ولا يقبل قوله فيه أنه أدى عن شريكه لا عن نفسه، بل يكون عن نفسه إلى هذا القدر، فلا يرجع على شريكه. كما لا يقبل قوله أيضاً حين الأداء أنه يؤدي عن شريكه لا عن نفسه.
ولا يرجع على شريكه ما لم يزد المؤدى عن نصف المكفول به وهو خمس مئة في مثالنا، فإن زاد على خمس مئة يرجع بالزيادة إن شاء على شريكه، وإن شاء على الأصيل.
وهذه القاعدة تنطبق أيضاً في فروع أخرى منها: لو اشترى رجلان شيئاً بألف