بالمسلمة أيضاً؛ لأن الشرع قطع ولاية الكافرين عن المؤمنين بقوله تعالى:{ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً}[النساء:١٤١/ ٤] فلو جاز تزويج الكافر المؤمنة لثبت له عليها سبيل، وهذا لا يجوز.
الزواج بالكتابيات: الكتابية: هي التي تؤمن بدين سماوي، كاليهودية والنصرانية. وأهل الكتاب: هم أهل التوراة والإنجيل، لقوله تعالى:{أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا}[الأنعام:١٥٦/ ٦].
وقد أجمع العلماء على إباحة الزواج بالكتابيات، لقوله تعالى:{اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}[المائدة:٥/ ٥] والمراد بالمحصنات في الآية: العفائف، ويقصد بها حمل الناس على التزوج بالعفائف، لما فيه من تحقيق الود والألفة بين الزوجين، وإشاعة السكون والاطمئنان.
ولأن الصحابة رضي الله عنهم تزوجوا من أهل الذمة، فتزوج عثمان رضي الله عنه نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية، وأسلمت عنده، وتزوج حذيفة رضي الله عنه بيهودية من أهل المدائن. وسئل جابر رضي الله عنه عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية، فقال: تزوجنا بهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص.
والسبب في إباحة الزواج بالكتابية بعكس المشركة: هو أنها تلتقي مع المسلم في الإيمان ببعض المبادئ الأساسية، من الاعتراف بإله، والإيمان بالرسل وباليوم الآخر، وما فيه من حساب وعقاب. فوجود نواحي الالتقاء وجسور الاتصال على هذه الأسس يضمن توفير حياة زوجية مستقيمة غالباً، ويرجى إسلامها؛ لأنها تؤمن بكتب الأنبياء والرسل في الجملة.