وأما التوكيل بالبيع والشراء: فيجوز بلا خلاف بين الفقهاء، لأنهما مما يملك الموكل مباشرتهما بنفسه، فيملك التفويض إلى غيره، إلا أن لجواز التوكيل بالشراء شرطاً: وهو الخلو عن الجهالة الكثيرة إذا كانت الوكالة خاصة.
وبيان المذكور عند الحنفية أن التوكيل بالشراء نوعان: عام وخاص (١):
الوكالة العامة: كأن يقول الموكل: اشتر لي ما شئت أو ما رأيت، أو أي ثوب شئت أو أي دار شئت ونحوها. وهي تصح مع الجهالة الفاحشة من غير بيان النوع والصفة والثمن؛ لأنه فوض الرأي إليه، فتصح مع الجهالة الكثيرة، كما في عقد المضاربة.
ووافق المالكية الحنفية في تجويز الوكالة العامة، ويدخل فيها جميع ما تصح فيه النيابة من الأمور المالية والزواج والطلاق وغيرها، إلا ما يستثنيه الموكل من الأشياء.
وقال الشافعية والحنابلة: لا يصح التفويض العام، كأن يوكله في كل قليل وكثير، لوجود الغرر الكثير الذي لا ضرورة إلى احتماله.
والوكالة الخاصة: كأن يقول الموكل: اشتر لي ثوباً أو بيتاً أو جوهراً أو شاة ونحوها، ويتنازع أمر الجهالة فيها قياس واستحسان. فالقياس: أنها لا تصح مع الجهالة قليلة كانت أم كثيرة، فلا بد من بيان الجنس والنوع والصفة ومقدار الثمن؛ لأن البيع والشراء لا يصحان مع الجهالة اليسيرة، فلا يصح التوكيل بهما أيضاً.
والاستحسان: أن الجهالة اليسيرة لا تؤثر، وإنما تؤثر الجهالة الكثيرة في صحة التوكيل. وجه الاستحسان: ما ثبت أن الرسول صلّى الله عليه وسلم «دفع ديناراً إلى حكيم ابن حزام ليشتري له به أضحية».