للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تقبل الشهادة على الشهادة في الحدود الخالصة لله عند الحنفية والحنابلة، والشافعية في الأظهر؛ لأن الحدود مبنية على الستر والدرء بالشبهات، والشهادة على الشهادة فيها شبهة، فإنه يعترضها احتمال الغلط والسهو والكذب في شهود الفرع مع احتمال ذلك في شهود الأصل.

وقال الإمام مالك: تقبل الشهادة على الشهادة في الحدود وكل الحقوق المالية؛ لأن موجب الحد يثبت بشهادة الأصل، فيثبت بالشهادة على الشهادة كالأموال (١)، وسأفصل هذا الموضوع في بحث الشهادات إن شاء الله تعالى.

[المطلب الثالث ـ واجبات القاضي نحو المقضي له]

يجب على القاضي نحو المقضي له أمور (٢):

١ً - أن يكون ممن تقبل شهادته للقاضي، فإن كل من لا تقبل شهادته له: لا يجوز قضاء القاضي له؛ لأن القضاء له قضاء لنفسه من جهة، فلم يكن القضاء مجرداً، وإنما فيه تهمة، فلا يصح القضاء. وعليه فلا يجوز للقاضي أن يقضي لنفسه، ولا لأبويه وإن علوا، ولا لزوجته، ولا لأولاده وإن سفلوا، ولا لشريكه في المال المشترك بينهما، ولا لكل من لا تجوز شهادته لهم، لوجود التهمة، وهذا رأي أكثر الفقهاء (٣).

٢ً - أن يكون المقضي له حاضراً وقت القضاء، فإن كان غائباً لم يجز القضاء له إلا إذا كان عنه وكيل حاضر؛ لأن القضاء على الغائب عند الحنفية لا يجوز، فكذلك لا يجوز القضاء للغائب أيضاً.


(١) راجع فتح القدير: ٧٤/ ٦، مغني المحتاج: ٤٥٣/ ٤، المغني: ٢٠٦/ ٩، القوانين الفقهية: ص ٢٩٧.
(٢) البدائع: ٨/ ٧، اللباب شرح الكتاب: ٩٠/ ٤، مختصر الطحاوي: ص ٣٣٢.
(٣) بداية المجتهد: ٤٦٠/ ٢، مغني المحتاج: ٣٩٣/ ٤، المغني: ١٠٧/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>