للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوازن يقتضي كفالة حقوق الدفاع لكل منهم، ويتطلب أيضاً الجمع بين الإثبات وحريته، لذا حدد الإسلام قيمة الإقرار والشهادة واليمين وبعض القرائن الشرعية، وترك في الوقت نفسه للقاضي حق تقدير وسائل أخرى كالقرائن القضائية، حتى لايضيع حق يثبت المنطق أن مدعيه محق، وحتى لايلزم أي شخص بحق لم يثبته مدعيه بالحجج الكافية. وهذا التوازن جعل الإسلام يشدد في الإثبات في الميدان الجنائي، فجعل إثبات الزنا بأربعة شهود يعاينون الجريمة، وجعل الشبهة دارئة للحد لصالح المتهم، وأباح الرجوع عن الشهادة والإقرار، فيكون ذلك دليل البراءة من الجريمة.

٩ - اعتماد القضاء على الوازع الديني: إن إقامة العدل بين الناس غاية سامية، لذا فقد أحيطت بسياج ديني أخلاقي إلى جانب الضمانات القانونية والمبادئ القضائية والأخلاقية مترابطة مع بعضها، ومن هنا قررت الشريعة لفت نظر كل من الخصوم والشهود والقضاة إلى عقاب من ادعى باطلاً أو شهد زوراً أو حكم ظلماً، وإلى ثواب الذين يؤدون الشهادة على وجهها، والذين يتحرون في أحكامهم الحق ليس غير.

وإذا أمر القاضي أو ثبت عليه أنه جار في حكمه عمداً بقتل نفس أو قطع يد أو قصاص، أقيد منه، ولا شيء عليه إذا أخطأ في حكم (١).

١٠ - القضاء في الإسلام منصب خطير، وذو مكانة كبيرة في الشريعة الإلهية، لذا وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة الشريفة تشيد بالقضاء وتكلف به الأنبياء والمرسلين، وتوجب القضاء بالحق والعدل كما تقدم لدينا. وكما كرمت الشريعة القاضي العادل حذرت من القاضي الجائر الذي يتبع هواه (٢)، فقال


(١) نظام القضاء في الإسلام للشيخ المرحوم أحمد عبد العزيز آل مبارك ص٨.
(٢) القضاء في الإسلام للأستاذ محمود الشربيني: ص١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>