للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني ـ مذهب مالك وأصل مذهب أحمد (١): ينعقد العقد بالفعل أو بالتعاطي متى كان واضح الدلالة على الرضا، سواء تعارفه الناس أم لا، وهذا الرأي أوسع من سابقه وأيسر على الناس، فكل ما يدل على البيع أو الإجارة، أو الشركة أو الوكالة وسائر العقود الأخرى ما عدا الزواج ينعقد العقد به؛ لأن المعول عليه وجود ما يدل على إرادة المتعاقدين من إنشاء العقد وإبرامه والرضا به، وقد تعامل الناس به من عصر النبوة فما بعده. ولم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه الاقتصار على الإيجاب والقبول، ولا إنكار التعاطي، فكانت القرينة كافية على الدلالة على الرضا.

الثالث ـ مذهب الشافعية والشيعة والظاهرية (٢): لا تنعقد العقود بالأفعال أو بالمعاطاة لعدم قوة دلالتها على التعاقد؛ لأن الرضا أمر خفي، لا دليل عليه إلا باللفظ، وأما الفعل فقد يحتمل غير المراد من العقد، فلا يعقد به العقد، وإنما يشترط أن يقع العقد بالألفاظ الصريحة أو الكنائية، أو ما يقوم مقامها عند الحاجة كالإشارة المفهمة أو الكتابة.

ونظراً لما يشتمل عليه هذا المذهب من تشدد وشكلية محدودة ومجافاة لمبدأ المرونة والسماحة واليسر، فقد اختار جماعة من الشافعية منهم النووي والبغوي والمتولي، صحة انعقاد بيع المعاطاة في كل ما يعده الناس بيعاً، لأنه لم يثبت اشتراط لفظ، فيرجع للعرف كسائر الألفاظ المطلقة،

وبعض الشافعية كابن سريج


(١) مواهب الجليل: ٢٢٨/ ٤ ومابعدها، الشرح الكبير: ٣/ ٣، بداية المجتهد: ١٦١/ ٢، المغني: ٥٦١/ ٣، فتاوى ابن تيمية: ٢٦٧/ ٣ ومابعدها.
(٢) مغني المحتاج: ٣/ ٢ ومابعدها، المهذب: ٢٥٧/ ١، المختصر النافع في فقه الإمامية: ص١٤٢، المحلى لابن حزم: ٤٠٤/ ٨، المهذب: ٢٥٧/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>