للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأساس هذه القاعدة هو قصد الضرر أيضاً كالقاعدة الأولى، ويعرف ذلك بالأدلة والقرائن التي تعين القصد.

القاعدة الثالثة ـ ترتب ضرر أعظم من المصلحة: إذا استعمل الإنسان حقه بقصد تحقيق المصلحة المشروعة منه، ولكن ترتب على فعله ضرر يصيب غيره أعظم من المصلحة المقصودة منه، أو يساويها، منع من ذلك سداً للذرائع، سواء أكان الضرر الواقع عاماً يصيب الجماعة، أو خاصاً بشخص أو أشخاص. والدليل على المنع قول الرسول صلّى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (١) وعلى هذا فإن استعمال الحق يكون تعسفاً إذا ترتب عليه ضرر عام، وهو دائماً أشد من الضرر الخاص، أو ترتب عليه ضرر خاص أكثر من مصلحة صاحب الحق أو أشد من ضرر صاحب الحق أو مساو لضرر المستحق. أما إذا كان الضرر أقل أو متوهماً فلا يكون استعمال الحق تعسفاً.

من أمثلة الضرر العام بالأمة أو بالجماعة: الاحتكار: وهو شراء ما يحتاجه الناس وادخاره لبيعه وقت غلاء الأسعار وحاجة الناس إليه. وهو ممنوع للحديث النبوي: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» «لا يحتكر إلا خاطئ» (٢).

ومنه تلقي الركبان: وهو تلقي التاجر للوافدين من الريف إلى المدينة لبيع محاصيلهم، وشراؤها بثمن أقل من السعر القائم، وبيعها لأهل المدينة بثمن مرتفع. وهذا حرام لأن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الركبان (٣).


(١) حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً عن أبي سعيد الخدري، ورواه مالك مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه.
(٢) الحديث الأول ضعيف رواه ابن ماجه عن عمر، والحديث الثاني صحيح رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن معمر بن عبد الله العدوي (نيل الأوطار: ٢٢٠/ ٥).
(٣) متفق عليه بين أحمد والشيخين عن ابن مسعود بلفظ «نهى النبي عن تلقي البيوع» ولفظ البخاري عن ابن عباس «لا تلقوا الركبان» (نيل الأوطار: ١٦٦/ ٥، سبل السلام: ٢٠/ ٣ - ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>