للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني ـ آراء الفقهاء في مدة الخيار المشروع للفقهاء اتجاهات ثلاثة في مدة الخيار: قال أبو حنيفة وزفر والشافعي: يجوز شرط الخيار في مدة معلومة لا تزيد على ثلاثة أيام؛ لأن الأصل امتناع الخيار، لكونه مخالفاً لوضع البيع، فإنه يمنع نقل الملك أو لزومه، إلا أنه ثبت على خلاف هذا الأصل بحديث حبان بن منقذ السابق ذكره، والذي رواه ابن عمر، وبحديث أنس: «أن رجلاً اشترى من رجل بعيراً، واشترط عليه الخيار أربعة أيام، فأبطل رسول الله صلّى الله عليه وسلم البيع، وقال: الخيار ثلاثة أيام» (١) ولأن الحاجة تندفع بالثلاث غالباً، فلو زاد عليها فسد البيع عند أبي حنيفة وزفر، ولكنه يعود صحيحاً عند أبي حنيفة إذا أجاز له الخيار في الثلاثة، لزوال المفسد قبل أن يتقرر الفساد، وعند زفر: الفاسد من العقود لا يعود صحيحاً بحال.

ويبطل العقد عند الشافعي (بخلاف ما ذكر في تحفة الفقهاء). وكونه لا يجوز أكثر من ثلاثة، لأنه غرر، وفيما دون الثلاث رخصة، فلا يجوز الزيادة عليها، وفي الجملة: إن الخيار ينافي مقتضى البيع لولا ثبوته بالشرع (٢).

وقال الصاحبان والحنابلة: يجوز اشتراط مدة الخيار بحسب ما يتفق عليه البائع والمشتري من المدة المعلومة، قلَّت مدته أو كثرت. ودليلهم ما روي أن ابن عمر «أجاز الخيار إلى شهرىن» (٣) ولأن الخيار حق يعتمد الشرط، فرجع في تقديره


(١) رواه عبد الرزاق في مصنفه وذكره عبد الحق في «أحكامه» من جهة عبد الرزاق، وأعله بأبان ابن أبي عياش، وقال: إنه لا يحتج بحديثه مع أنه كان رجلاً صالحاً (انظر نصب الراية: ٤ص ٨).
(٢) المبسوط للسرخسي: ١٣ ص ٤٠ ومابعدها، البدائع: ٥ ص ١٧٤، فتح القدير: ٥ ص ١١٠ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢ ص ٤٧.
(٣) قال الزيلعي عن هذا الحديث: غريب جداً (انظر نصب الراية: ٤ ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>