للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمحال أي المقرض دين على المحال عليه بحكم الحوالة، فهو في الحقيقة تأجيل دين لا قرض.

والخلاصة: يصح تأجيل القرض عند الحنفية مع كونه غير لازم، ويلزم الأجل في هذه الحالات.

وقال الإمام مالك: يتأجل القرض بالتأجيل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم» (١)، ولأن المتعاقدين يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة والإمضاء، فملكا الزيادة فيه (٢). وهذا الرأي هو المعقول الموافق لمقتضى الواقع.

ما يصح فيه القرض: اختلف العلماء فيما يصح فيه القرض:

فقال الحنفية: يصح القرض في المثلي: (وهو ما لا تتفاوت آحاده تفاوتاً تختلف به القيمة) كالمكيل والموزون، والمعدود المتقارب كالجوز والبيض، والورق من مقياس واحد، والذرعي كالقماش، وجاز قرض الخبز وزناً وعدداً، على ما هو المفتى به من رأي الإمام محمد لحاجة الناس المتعينة إليه، وهو رأي بقية المذاهب الأخرى، ولا يجوز القرض في غير المثلي من القيميات كالحيوان والحطب والعقار، والعددي المتفاوت، لتعذر رد المثل (٣).

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: يجوز قرض كل مال يصح فيه السلم، أي في كل مال قابل للثبوت في الذمة، سواء أكان مكيلاً أم موزوناً، كالذهب والفضة


(١) رواه أبو داود وأحمد والترمذي والدارقطني عن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعاً وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة، وروي عن أنس عند الحاكم، وعن رافع بن خديج عند الطبراني، وعن ابن عمر عند البزار، وعن عطاء بلاغاً عند ابن أبي شيبة، وجزم به البخاري (راجع سبل السلام: ٣ ص ٥٩، المقاصد الحسنة: ص ٣٨٥).
(٢) اعتمدت في هذا على المغني لابن قدامة: ٤ ص ٣١٥، المهذب: ١ ص ٣٠٣.
(٣) الدر المختار: ٤ ص ١٧٩، ١٩٥، مغني المحتاج: ١١٩/ ٢، المغني: ٣١٨/ ٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>