للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معه، ويدور هو حيث شاء؛ لأنه بذلك يتمكن الدائن من حمل المدين على قضاء الدين، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «لصاحب الحق: اليد، واللسان» (١) أراد باليد: الملازمة، وباللسان: التقاضي. ولا تلازم المرأة منعاً من الخلوة بالأجنبية.

وقال زفر والمالكية والشافعية والحنابلة (٢): إذا ثبت إعسار المدين عند الحاكم، لم يكن لأحد مطالبته وملازمته، بل يمهل إلى أن يوسر لأنه إذا ثبتت العسرة استحق النَّظِرة إلى الميسرة، كما لو كان الدين مؤجلاً، لقوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة، فنَظِرة إلى ميسرة} [البقرة:٢٨٠/ ٢]. وحديث «لصاحب الحق ... » فيه مقال، كما قال ابن المنذر، أو أنه يحمل على الموسر، فقد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لغرماء الذي أصيب في ثمار ابتاعها، فكثر دينه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك» (٣). وهذا القول هو الأرجح.

حبس المدين: المقرر شرعاً أنه يجب على المدين إيفاء ديونه إذا كان موسراً، فإن كان معسراً فيمهل إلى وقت اليسار عملاً بنظرة الميسرة. وإن كان مماطلاً في الوفاء، وله مال يفي بدينه للحال، حبسه الحاكم، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لَيُّ الواجد ظلم، يحل عرضه وعقوبته» (٤). واللي: المطل، والواجد: الغني من الوُجد بمعنى


(١) رواه بهذا اللفظ ابن عدي في الكامل عن أبي عتبة الخولاني، ورواه الدارقطني عن مكحول بلفظ «إن لصاحب الحق اليد واللسان» وهو حديث مرسل. وأخرج البخاري عن أبي هريرة، قال: «أتى النبي صلّى الله عليه وسلم رجل يتقاضاه، فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه، فقال: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالاً» (نصب الراية: ١٦٦/ ٤).
(٢) مغني المحتاج: ١٥٦/ ٢، المغني: ٤٤٩/ ٤ ومابعدها، كشاف القناع: ٤٠٦/ ٣، ٤٣٠، الشرح الصغير: ٣٧٠/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٣١٧، بداية المجتهد: ٢٨٠/ ٢ ومابعدها.
(٣) رواه مسلم والترمذي.
(٤) رواه الخمسة إلا الترمذي، وأخرجه أيضاً البيهقي وابن حبان وصححه عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه (نيل الأوطار: ٢٤٠/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>