للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولسنا مع الماوردي الذي صحح أن بيعته منعقدة وأن الرضا بها غير معتبر؛ لأن بيعة عمر رضي الله عنه لم تتوقف على رضا الصحابة (١)، وذلك لأن الإمام أو أهل الشورى كانوا يمثلون في اختيارهم الأمة، وقد تمت فعلاً بيعة عمر وعثمان رضي الله عنهما برضا الأمة وموافقتها.

يتضح من هذا أن الإمامة لا تورث، فإن جميع الفقهاء أجمعوا على أن الإمامة لا يصح أن تورث. قال ابن خلدون: «وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء، فليس من المقاصد الدينية، إذ هو أمر من الله يخص به من يشاء من عباده ينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن، خوفاً من العبث بالمناصب الدينية» (٢) وقال ابن حزم: «ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز التوارث فيها» (٣).

[انعقاد الإمامة بالقهر والغلبة]

رأى فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم أن الإمامة تنعقد بالتغلب والقهر، إذ يصير المتغلب إماماً دون مبايعة أو استخلاف من الإمام السابق وإنما بالاستيلاء، وقد يكون مع التغلب المبايعة أيضاً فيما بعد (٤).

قال ابن المنذر (٥): والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عن دينه ودمه


(١) المرجع السابق: ص ٨.
(٢) المقدمة، الفصل ٣٠.
(٣) الفصل في الملل والنحل: ١٦٧/ ٤.
(٤) حجة الله البالغة للدهلوي: ١١١/ ٢، حاشية ابن عابدين: ٣١٩/ ٣ ومابعدها، مغني المحتاج: ١٣٠/ ٤ - ١٣٢، الأحكام السلطانية لأبي يعلى: ص ٦ وما بعدها، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ٢٩٨/ ٤، غاية المنتهى: ٣٤٨/ ٣.
(٥) تلخيص الحبير: ١٥/ ٤، المغني: ٦٣٨/ ٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>