لأن الحكم للأغلب، ولأنه بالخلط يزول الاسم والمعنى المراد به، وهو التغذي، فلا يثبت به الحرمة. ولافرق عند المالكية بين الخلط بالمائع أو بالطعام.
واعتبر الشافعية في الأظهر والحنابلة في الراجح اللبن المشوب (المختلط بغيره) كاللبن الخالص الذي لا يخالطه سواه، سواء شيب بطعام أوشراب أو غيره، لوصول اللبن إلى الجوف، وحصوله في بطنه.
ورأى أبو حنيفة خلافاً للصاحبين أن اللبن المخلوط بالطعام لا يحرم عنده بحال سواء أكان غالباً أم مغلوباً؛ لأن الطعام وإن كان أقل من اللبن، فإنه يسلب قوة اللبن ويضعفه، فلا تقع الكفاية به في تغذية الصبي، فكان اللبن مغلوباً معنى، وإن كان غالباً صورة.
وإذا خلط لبن امرأة بلبن امرأة أخرى: فالحكم للغالب عند أبي حنيفة وأبي يوسف، فإن تساويا ثبت التحريم من المرأتين جميعاً للاختلاط.
وقال المالكية ومحمد وزفر: يثبت التحريم من المرأتين جميعاً، سواء تساوى مقدار اللبنين أوغلب أحدهما الآخر، وهذا هو الراجح لدي؛ لأن اللبنين من جنس واحد، والجنس لا يغلب الجنس.
٥ - أن يكون الرضاع في حال الصغر باتفاق المذاهب الأربعة: فلا يحرم رضاع الكبير: وهو من تجاوز السنتين.
وقال داود الظاهري: إن رضاع الكبير يحرم، وكانت عائشة ترى أن رضاعة الكبير تحرم، لما روي أن سهلة بنت سهيل قالت: «يا رسول الله، إنا كنا نرى سالماً ولداً، فكان يأوي معي، ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فُضْلى (١)، وقد