٢ - التصرف الحسي المرخص بالإكراه: هو كإجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان، أو سب النبي محمد صلّى الله عليه وسلم، أو الصلاة إلى الصليب، أو إتلاف مال المسلم، فهذه الأمور لا تباح، ولكن يرخص فعلها عند الإكراه التام، وإن امتنع المستكره عن فعلها حتى قتل، كان مثاباً ثواب الجهاد؛ لأن تحريمها لم يسقط عن فاعلها. وأما وإن كان الإكراه ناقصاً، فلا يرخص فيها أصلاً، ويحكم بكفر فاعلها، وإن كان قلبه مطمئناً بالإيمان، وهذا مذهب الحنفية والمالكية. وعليه، لا يرخص بهذا التصرف إلا في حالة الإكراه الملجئ.
ورخص الشافعية والحنابلة والظاهرية التلفظ بالكفر عند الإكراه الناقص؛ لأن الكثير من حوادث الإكراه على الكفر في بدء الإسلام كانت إكراهاً ناقصاً، فهذا هو الراجح إذن من الرأيين.
والترخيص بإجراء كلمة الكفر عند الإكراه التام ثابت بقوله تعالى:{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم}[النحل:١٦/ ١٠٦]. وهذا هو مذهب الجمهور والظاهرية.
أما المالكية: فلا يبيحون إجراء كلمة الكفر على اللسان إلا في الإكراه على القتل فقط، أما الإكراه بقطع عضو، فلا يعتبرونه مبيحاً لإجراء كلمة الكفر على اللسان.
ويلاحظ أن الامتناع عن الكفر أفضل، بدليل ما روي أن مسيلمة الكذاب أخذ اثنين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول في؟ قال: وأنت أيضاً، فخلى سبيله. وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: كما تقول في؟ قال: أنا أصم، لا