للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عقد على المعتدة زواج في العدة، ودخل الزوج بها، فسخ الزواج بالاتفاق، لنهي الله عنه، وتأبد تحريمها عليه عند مالك وأحمد والشعبي، فلا يحل نكاحها أبداً، وبه قضى عمر؛ لأنه استحل ما لا يحل، فعوقب بحرمانه، كالقاتل يعاقب بحرمانه ميراث من قتله.

وقال الحنفية والشافعية: يفسخ النكاح، فإذا انتهت العدة، جاز لهذا الزوج أن يخطبها مرة أخرى ويتزوجها، ولم يتأبد التحريم؛ لأن الأصل أنها لا تحرم إلا أن يقوم دليل على الحرمة من كتاب أو سنة أو إجماع، ولا دليل من هذا.

الشرط الثاني ـ ألا تكون المخطوبة مخطوبة سابقاً لخاطب آخر: إذ لا تحل خطبة المخطوبة (١)، للحديث السابق: «لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن». وقد فصّلت القول في البند السادس السابق في الخطبة على الخطبة، وظاهر النهي في هذا الحديث وغيره يدل على التحريم، ولأنه نهي عن الإضرار بالإنسان، فكان مقتضاه التحريم كالنهي عن أكل ماله، وسفك دمه.

فإن فعل، فزواجه عند الجمهور صحيح وعليه الإثم، ولا يفرق بين الزوجين عند الجمهور، كالخطبة في العدة؛ لأن النهي ليس متوجهاً إلى نفس العقد، بل هو متوجه إلى أمر خارج عن حقيقته، فلا يقتضي بطلان العقد، كالتوضؤ بماء مغصوب.

وروي عن مالك وداود: أنه لا يصح؛ لأنه نكاح منهي عنه، فكان باطلاً كنكاح الشغار. والمعتمد عند المالكية: أنه إذا رفعت الحادثة لحاكم، وثبت عنده العقد على المخطوبة ببينة أوإقرار، وجب عليه فسخه قبل الدخول بطلقة بائنة.


(١) مختصر الطحاوي: ص ١٧٨، المهذب: ٤٧/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٠٥، الشرح الصغير: ٣٤٢/ ٢ وما بعدها، المغني: ٦٠٧/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>