ولو اغتسل محدث حدثاً أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه، فالأصح عن الشافعية: أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس مثلاً صح، ولو بلا مُكْث؛ لأنه يكفي ذلك لرفع أعلى الحدثين، فللأصغر أولى، ولتقدير الترتيب في لحظات معينة.
ولا يكفي ذلك عند الحنابلة، إلا إذا مكث في الماء قدراً يسع الترتيب، فيخرج وجهه ثم يديه، ثم يمسح رأسه، ثم يخرج من الماء، سواء أكان الماءراكداً أم جارياً.
والترتيب مطلوب بين الفرائض، ولا يجب الترتيب بين اليمنى واليسرى من اليدين والرجلين، وإنما هو مندوب، لأن مخرجهما في القرآن واحد، قال تعالى:{وأيديكم} .... {وأرجلكم}[المائدة:٦/ ٥]، والفقهاء يعدون اليدين عضواً، والرجلين عضواً، ولا يجب الترتيب في العضو الواحد. وهذا هو المقصود من قول علي وابن مسعود، قال أحمد: إنما عنيا به اليسرى قبل اليمنى؛ لأن مخرجهما من الكتاب واحد.
وفي تقديري: أن رأي القائلين بالترتيب أولى، لمواظبة النبي صلّى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً عليه، واستمر الصحابة على ذلك، لا يعرفون غير الترتيب في الوضوء، ولايتوضؤون إلا مرتبين، ودرج المسلمون على الترتيب في كل العصور. وكون الواو لا يقتضي الترتيب صحيح مسلّم به، لكن ذلك عند عدم القرائن الدالة على إرادة الترتيب، والقرائن الدالة عليه كثيرة، وهي المواظبة من النبي وصحبه (١).
ثالثاً ـ الموالاة أو الوِلاء: هي متابعة أفعال الوضوء بحيث لا يقع بينها ما يعد فاصلاً في العرف، أو هي