للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاً ـ حكم أخذ طعام قهراً للضرورة: لا خلاف بين الفقهاء (١) في أنه يجب على مالك الطعام أو المال، إذا لم يكن مضطراً إليه في الحال، أن يبذله إلى المحتاج إليه بقيمته، ليدفع عنه أذى الجوع أو العطش أو الحر أو البرد أو الضرر الذي قد يلحق به. فإن امتنع أو طلب أكثر من ثمن المثل، فيجوز قتاله ولو كان مسلماً؛ لأخذه جبراً عنه؛ لأن المسلمين متكافلون متعاونون على السراء والضراء، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:٢/ ٥]، ولأن امتناع مالك المال أو الطعام من بذله للمضطر إليه إعانة على قتله، وقد ورد: «من أعان على قتل امرئ مسلم، ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله» (٢). وقد ذم الله على منع ذلك مطلقاً بقوله تعالى: {ويمنعون الماعون} [الماعون:٧/ ١٠٧].

ولا يجوز للمضطر في هذه الحالة أن يأكل الميتة، لأنه غير مضطر، والتزامه بدفع قيمة الطعام أمر مقرر شرعاً؛ لأن الإباحة للاضطرار لا تنافي الضمان (٣). وتنص القاعدة: (الاضطرار لا يبطل حق الغير).

وأما في حال المجاعة العامة فلا يلزم المرء ببذل الطعام للمضطرين؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر (٤).


(١) رد المحتار: ٢٣٨/ ٥، الموافقات: ٣٥٢/ ٢، الشرح الكبير: ١١٦/ ٢ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢٠٥/ ١، المهذب: ٢٥٠/ ١، كشاف القناع: ١٩٥/ ٦، غاية المنتهى: ٣١٦/ ١، المغني: ٦٠٢/ ٨، الطرق الحكمية: ص ٢٦، ط السنة المحمدية، الحسبة لابن تيمية: ص٤٠، القواعد لابن رجب: ص٢٢٧.
(٢) رواه ابن ماجه عن أبي هريرة، وهو حديث ضعيف.
(٣) شرح المجلة للأتاسي: ص ٧٦ ومابعدها، للمحاسني: ص ٦٠ ومابعدها، الفروق: ١٩٥/ ١ ومابعدها، ٩/ ٤، حاشية الجمل على المنهج، القواعد لابن رجب: ص ٣٦، ٢٨٦، القواعد والفوائد لابن اللحام الحنبلي: ص ٤٣.
(٤) كشاف القناع: ١٩٨/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>