١ - إن كان فعلاً له حقوق (١) ترجع إلى الفاعل كالبيع والشراء والإجارة، والقسمة: لا يحنث؛ لأن حقوق هذه العقود تختص بالعاقد المباشر لها دون الآمر وحينئذ لا ينسب الفعل إلى الآمر، وإنما ينسب إلى الفاعل باعتبار أنه العاقد في الحقيقة. وأما ما يرجع للآمر فهو حكم العقد أي (الغرض والغاية من إنشائه) ففي البيع: الحكم هو انتقال ملكية المبيع للمشتري وملكية الثمن للبائع.
ففي هذه الزمرة من العقود لا يحنث الحالف على فعلها كما بينت إلا إذا كان الحالف ممن لا يتولى القيام بهذه العقود بنفسه، كالقاضي والسلطان ونحوهما، فيحنث بمجرد أمر غيره بهذه الأفعال؛ لأن المعتاد أن تتم هذه العقود بواسطة غيره.
وكذلك لو كان الوكيل هو الحالف فإنه يحنث؛ لأن حقوق العقد راجعة إليه، وأنه هو العاقد حقيقة، لا الآمر.
٢ - وإن كان المحلوف عليه فعلاً ترجع حقوقه إلى الآمر، أو كان مما ليس له حقوق، كالنكاح والطلاق والهبة والصدقة والكسوة وقضاء الحقوق واقتضائها والادعاء أمام القضاء والشركة: بأن حلف لا يشارك رجلاً، فأمر غيره بأن يعقد عقد الشركة معه، وكالضرب والذبح والقتل والبناء والخياطة والنفقة ونحوها، فإذا فعل الحالف هذه الأفعال بنفسه، أو أمر غيره ففعل، حنث؛ لأن مالا حقوق له أو ترجع حقوقه إلى الآمر، لا إلى الفاعل ينسب إلى الآمر، لا إلى الفاعل.
وأما عقد الصلح: ففيه روايتان عن أبي يوسف: في رواية إذا حلف لا يصالح، فوكل بالصلح لم يحنث؛ لأن الصلح عقد معاوضة كالبيع. وفي رواية: أنه يحنث؛ لأن الصلح إسقاط حق كالإبراء.
(١) حقوق العقد: هي الأعمال التي لا بد منها للوصول إلى حكم العقد لتمام الغاية والغرض منه، مثل تسليم المبيع وقبض الثمن والرد بالعيب أو بخيار الرؤية أو الشرط.