للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يجب الحد والمهر على الرجل المكرَه على الزنا؟: الرأي الذي استقر عليه أبو حنيفة أخيراً، ورأي الصاحبين: أنه لا يحد المستكره على الزنا، وإنما عليه الصداق؛ لأنه حيث سقط الحد، يجب المهر للمرأة.

وقال الحنابلة وبعض المالكية: عليه الصداق والحد جميعاً. وقال الشافعية ومحققو المالكية: عليه الصداق فقط، وليس عليه الحد لوجود الشبهة (١) ولحديث: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه» (٢). والخلاصة: أن الجمهور على الأرجح يرون الصداق على المستكره وليس عليه العقوبة، وأن الحنابلة يوجبون عليه الصداق والعقوبة معاً.

[المبحث الرابع ـ إثبات الزنا عند القاضي]

أجمع العلماء على أن الزنا يثبت بالإقرار أو بالشهادة، ولا تثبت حدود الله تعالى كالزنا والسرقة والمحاربة والشرب بعلم القاضي حالة القضاء أو قبل القضاء؛ لأنها تدرأ بالشبهات ويندب سترها (٣).

أما الحكمة من اشتراط الحجة لإيقاع العقوبة فواضحة، وهي أن من تمام حكمة الله ورحمته أنه لم يأخذ الجناة بغير حجة، كما لم يعذبهم في الآخرة إلا بعد إقامة الحجة عليهم، وجعل الحجة التي يأخذهم بها إما منهم: وهي الإقرار أو ما يقوم مقامه من إقرار الحال، وهو أبلغ وأصدق من إقرار اللسان، فإن من قامت


(١) راجع بداية المجتهد: ٣١٩/ ٢، البدائع: ١٨٠/ ٧، حاشية ابن عابدين: ١٧٢/ ٣، المهذب: ٢٦٧/ ٢.
(٢) أخرجه الطبراني عن ثوبان.
(٣) مغني المحتاج: ٣٩٨/ ٤، ١٤٩، الميزان للشعراني: ١٥٤/ ٢، المغني: ٢٠٩/ ٨، البدائع: ٥٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>