للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(له علي دراهم كثيرة)؛ لأن الكثرة والعظمة لا حد لهاشرعاً ولا لغة ولا عرفاً، وتختلف بحسب النسب والإضافة وأحوال الناس، فالثلاثة أكثر مما دونها، وأقل مما فوقها. وقال المالكية: يلزمه أربعة؛ لأن الرابع أول مبادئ كثرة الجمع (١).

المقصود بنوع الدراهم: إذا قال المقر: (لفلان علي ألف درهم) ولم يبين سبب الالتزام من بيع أو قرض ونحوهما: ثم قال: (هي زيوف) فيصدق إذا كان البيان متصلاً بالكلام السابق، فإن كان منفصلاً لا يصدق، لأن اسم الدراهم اسم جنس يقع على الجياد والزيوف، فكان قوله (زيوف) بياناً للنوع، فيصح بشرط كونه متصلاً بما سبق، لا منفصلاً عنه.

ولو قال: (لفلان عندي ألف درهم) ثم قال: (هي زيوف): يصدق سواء أكان البيان متصلاً بما قبله أم منفصلاً؛ لأن هذا إقرار بالوديعة، والوديعة مال محفوظ عند الوديع، قد يكون جيداً، وقد يكون رديئاً. والغصب في هذا مثل الوديعة.

فإن قال: (لفلان علي ألف درهم ثمن مبيع) أي بين سبب الالتزام، ثم قال: (هي زيوف) فلا يصدق، ويلزمه الجيد عند أبي حنيفة، سواء أكان البيان متصلاً أم منفصلاً؛ لأن البيع عقد معاوضة، فيتطلب سلامة العوضين عن العيوب؛ لأن كل عاقد لا يرضى إلا بالعوض السليم عن العيب، فكان إقراره بكون الدراهم ثمناً إقراراً بصفة السلامة عن العيوب، فيعتبر بيانه بعدئذ بالزيافة رجوعاً عن الإقرار، والرجوع عن الإقرار لا يصح، كما إذا قال: (بعتك هذا الثوب على أنه معيب) لا يصدق وإن كان بيانه متصلاً بما قبله، فكذا الحالة التي هنا.


(١) انظر الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٤٠٧/ ٣، المهذب: ٣٤٧/ ٢ وما بعدها، مغني المحتاج: ٢٤٨/ ٢، المغني: ١٦٠/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>