[الفئة الثالثة ـ الأشربة الحلال في رأي ضعيف: وهي خليط الزبيب والتمر المطبوخ، والمتخذ من غير العنب والتمر]
الأشربة الأربعة الحلال التي ذكرت كالخليطين والمِزْر والجِعة والبِتْع والمثلث ب قصد التداوي يحل شربها بلا لهو ولا طرب، قليلاً كان أو كثيراً إذا شرب مالا يسكره، ولا يحد شاربها، وإن سكر منها، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأنه ليس في هذه الأشربة معنى الخمرية، إذ لا شدة فيها، ولأنه عليه السلام قال:«الخمر من هاتين الشجرتين: يعني النخلة والكرمة» ذكر صلّى الله عليه وسلم الخمر بلام الجنس، فاقتضى اقتصار الخمرية على ما يتخذ من هاتين الشجرتين. وإنما لا يجب الحد وإن سكر منه؛ لأنه سكر حصل بتناول شيء مباح، فلا يوجب الحد، كالسكر الحاصل من تناول البنج، بخلاف ما إذا سكر بشرب المثلث، فإنه يجب الحد؛ لأن السكر فيه حصل بتناول المحظور وهو القدح الأخيرة.
وخلاصة الفرق بين هذه الفئات الثلاث: أن الفئة الأولى يحرم قليلها وكثيرها ويجب الحد بالسكر منها، وأن الثانية يحرم المسكر منه فقط ويجب الحد بالسكر، وأما الثالثة فيحل شربها للتداوي والتقوي، وإن سكر منها، ولا حد فيها وإن سكر منها عند أبي حنيفة وأبي يوسف.
وقد حرم محمد رحمه الله تعالى هذه الأشربة الأربعة التي هي حلال عند الشيخين: وهي المتخذة من العسل والتين ونحوهما قليلها وكثيرها، والأصح أنه يحد شاربها بالسكر منها، وبه يفتى في المذهب الحنفي (١)، وقال الأئمة الثلاثة:
(١) يظن بعض شاربي البيرة ونحوها أن قليلها حلال في مذهب الحنفية. والواقع أن قليلها وكثيرها حرام في كل المذاهب وبإجماع آراء الحنفية، لأن الخلاف فيما يسمى بالأشربة الحلال محصور فيما قصد بشربه تقوية البدن الضعيف. أما إذا كان يؤخذ للهو والتسلية كما يفعل هؤلاء الشاربون فهو حرام كالكثير تماماً، ولو قطرة واحدة (الفقه على المذاهب الأربعة: ٢ حاشية ص ٧ بتصرف).