للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الآثار، فمنها ماروي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان يشرب النبيذ الشديد، ومنها: ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه أضاف قوماً فسقاهم، فسكر بعضهم، فحده، فقال الرجل: تسقيني ثم تحدني؟ فقال علي: إنما أحدك للسُّكْر (١). والحقيقة أن هذا الخبر غير صحيح؛ لأن في سنده مدلساً وضعيفاً.

وقد اعتبر أبو حنيفة حل المثلث من علامة مذهب أهل السنة والجماعة، فقال: السنة أن تفضل الشيخين، وتحب الخَتَنين (أي الصهرين) وتمسح على الخفين، ولا تحرم نبيذ الجَرّ، أي المثلث أو الطلاء. والحل محصور في القليل منه أو إذا قصد به التقوي على الطاعة، أو التداوي، أو استمراء الطعام، أما إذا قصد به التلهي، فيحرم.

وقال محمد: لا يحل شرب هذين الشرابين، ولكن لا يجب الحد ما لم يسكر، لقوله عليه السلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وبرأيه يفتى عند الحنفية.

وقال الشافعية والمالكية والحنابلة: كل شراب أسكر كثيره حرم قليله، وحد شاربه إذا كان مكلفاً مختاراً، لقوله عليه السلام: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» وقوله أيضاً «أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره» وصحح الترمذي: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (٢).


(١) المبسوط: ١٥/ ٢٤، البدائع: ١١٦/ ٥، نتائج الأفكار: ١٦٢/ ٨ وهذا الحديث أخرجه الدارقطني في سننه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي. وروى الدارقطني مثل ذلك عن عمر رضي الله عنه، ورواه العقيلي في كتابه عن عمر أيضاً، وله طرق أخر عند ابن أبي شيبة، وفي الأطراف، وعند عبد الرزاق في مصنفه (راجع نصب الراية: ٣٥٠/ ٣) ويلاحظ أن هذه القصة غير ثابتة.
(٢) مغني المحتاج: ١٨٧/ ٤، المهذب: ٢٨٦/ ٢، بداية المجتهد:٤٣٤/ ٢ وما بعدها، المغني: ٣٠٤/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>