للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاعدة عند جمهور الحنفية: أن الوديعة إذا صارت مضمونة، ثم أزيل سبب الضمان، كأن يسترد الوديع الأول من المودع الثاني الوديعة، ويحفظها بنفسه أو نحو ذلك مما سيأتي، فإنه يبرأ عن الضمان؛ لأنه في عودته لحالته الأولى يعتبر وديعاً، والوديع إذا هلكت الوديعة بدون سبب منه لا ضمان عليه (١). هذا بخلاف المستأجر والمستعير، إذا خالفا، ثم تركا الخلاف بقي الضمان.

والقاعدة عند زفر والشافعي وبقية الأئمة: أن الوديعة متى صارت مضمونة بانتفاع وغيره مما سيأتي، ثم ترك الوديع الخيانة، لم يبرأ من الضمان؛ لأن الوديعة لما صارت مضمونة، فقد ارتفع العقد، لتغيرطبيعته، فلا يعود إلا بالتجديد، ولم يوجد، فصار كما لو جحد الوديعة، ثم أقر بها (٢).

٣ - استعمال الوديعة: إذا انتفع الوديع بالوديعة كركوب الدابة ولبس الثوب، فإنه يصير ضامناً، فإن ترك الاستعمال، فقال جمهور الحنفية كما عرفنا من قاعدتهم: لا ضمان عليه؛ لأنه ممسك لها بإذن مالكها، فأشبه ما قبل الاستعمال (٣).

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: إذا تلفت الوديعة بعد استعمالها يضمنها، ولو كان التلف بسبب سماوي؛ لأنه بالتعدي في الاستعمال قد ارتفع حكم الوديعة وبطل الاستئمان، فصار كما لو جحد الوديعة ثم أقر بها، فلا يبرأ من الضمان إلا بالرد على المالك، كما تقرر (٤).


(١) البدائع: ٢١٢/ ٦، تكملة فتح القدير: ٩٢/ ٧، مجمع الضمانات: ص ٧٣، ٧٦ ومابعدها.
(٢) مغني المحتاج: /٩٠.
(٣) البدائع: ٢١١/ ٦، المبسوط: ١٢٣/ ١١.
(٤) مغني المحتاج، المرجع السابق: ٨٨/ ٣، المهذب: ٣٦٢/ ١، حاشية الدسوقي: ٤٢٠/ ٤، ٤٢٧، القوانين الفقهية: ص ٣٧٤، المغني: ٤٠١/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>