[المبحث السادس ـ مخاطر المخدرات وأحكامها في الإسلام]
الشرائع الإلهية وخاتمتها الشريعة الإسلامية تنشد في تشريعها لتنظيم حياة الناس وأحوالهم تحقيق المصالح والمنافع البشرية الحقيقية، ودفع أنواع المضار والمفاسد وألوان الأذى والشر، بدليل الاستقراء التام والتتبع الشامل لكل ما جاءت به شريعة القرآن الكريم من أحكام العبادات والمعاملات والجنايات والعلاقات الاجتماعية الخاصة والعامة، فلا نجد مطلوباً شرعاً: فرضاً أو مندوباً إلا وكان فيه الخير للفرد والجماعة أو الشخص والأمة، ولا نرى ممنوعاً: حراماً أو مكروهاً إلا وفيه الشر أو شبهة السوء للإنسان والناس قاطبة.
والعقل المجرد غير المتأثر بالهوى أو النفعية الطائشة أو الوقتية غير المنضبطة يدرك تماماً المصلحة المجردة والمضرة الواضحة، ويؤيد ما جاءت به شريعة السماء، إذ لا يخفى على عاقل أن تحصيل المصالح المحضة أو الدائمة الأثر، ودرء المفاسد المحضة أو الآنية التأثير، عن نفس الإنسان وغيره، محمود حسن، كما أنه لا يخفى أيضاً أن درء المفاسد والمضار الراجحة مقدم على المصالح المرجوحة، كما قال العز بن عبد السلام في مقدمة كتابه:«قواعد الأحكام في مصالح الأنام».
وهذا ما اتفق عليه الحكماء، وأجمعت عليه الشرائع، فحرّمت الدماء والأبضاع والأموال والأعراض، واتفقت الملل كلها على الحفاظ على المقاصد الخمسة الكلية الضرورية، وهي الدين والعقل والنفس والنسب أو العرض والمال، ووجهت الأديان ذات المصدر الإلهي إلى تحصيل الأفضل فالأفضل من الأقوال والأعمال والآداب والأخلاق. وكذلك الأطباء يدفعون أعظم المرضين بالتزام بقاء أدناهما.