يكون الدين واجب التسليم على الراهن، وعبارتنا أوضح؛ لأن الحق المرهون به: إما أن يكون ديناً، وإما أن يكون عيناً واجبة التسليم.
أولاً - إن كان ديناً، جاز الرهن به، أياً كان سبب هذا الدين، قرضاً أو بيعاً، أو إتلافاً أو غصباً؛ لأن الديون واجبة الوفاء، فكان الرهن بها رهناً بحق واجب التسليم إلى صاحبه.
وسواء في هذا أن يكون الدين مما يجوز استبداله قبل قبضه، أو مما لا يجوز استبداله قبل قبضه، كرأس مال السلم، وبدل الصرف، والمسلم فيه. وهذا عند أئمة الحنفية الثلاثة.
وقال زفر: لا يجوز الرهن بما لا يصح الاستبدال فيه قبل القبض؛ لأن سقوط الدين بهلاك الرهن إذا هلك، إنما يكون نتيجة لاستبداله بما وجب في ذمة المرتهن بذلك الهلاك، بمعنى أن عين الرهن صارت بدلاً عن الدين الذي رهنت به، واستبدال هذه الديون لا يصح، كما تبين في بحث السلم، فلو جاز الرهن بهذه الديون، لزم منه استبدال هذه الديون قبل قبضها، إذا هلك الرهن، وهو لا يجوز شرعاً.
ولا يقال في هذه الحال: إن سقوط الدين، كان بطريق الاستيفاء؛ لأن الاستيفاء لايتحقق إلا عند اتحاد الرهن والدين جنساً، والغالب أن يكونا مختلفي الجنس. فيختص جواز الرهن بدين يمكن استبداله.
ودليل جمهور الحنفية: أن سقوط الدين دائماً عند هلاك الرهن، إنما هو بطريق الاستيفاء، لا بطريق الاستبدال. ويكفي في تحقق الاستيفاء وجود المجانسة في المالية، إذ أن الاستيفاء يتم بمالية الرهن، لا بصورته، والأموال كلها من ناحية المالية جنس واحد. وقد يسقط اعتبار المجانسة من حيث الصورة، ويكتفي