للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوع العلة: وهكذا كل ما تحققت فيه هذه العلة (القدر المتفق مع الجنس المتحد) فإنه يشتمل على الربا، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم، فيقاس على القمح والشعير المذكورين في حديث ربا الفضل: كل ما يباع بالكيل كالذرة والأرز والسِّمسِم والحِلْبة والجص، إذا كان يباع بالكيل. ويقاس على الذهب والفضة: كل ما يباع بالوزن كالرصاص والنحاس والحديد.

وأما الذي لا يباع بالكيل ولا بالوزن كالمعدود والمذروع: فإنه لا يشتمل على ربا الفضل، فيصح بيع البيضة بالبيضتين، والذراع من قماش بذراعين من قماش من جنسه، بشرط القبض.

مقياس الأموال الربوية: يلاحظ أن ما نص الشارع على كونه كيلياً كبُر وشعير وتمر وملح، أو وزنياً كذهب وفضة، فإنه يظل كذلك لا يتغير أبداً، وإن ترك الناس التعامل فيه كما كان في الماضي. وهذا رأي جمهور الحنفية، والشافعية والحنابلة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة» (١)، فلا يصح بيع الحنطة بالحنطة بوزن متساو، ولا بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة بكيل متساو؛ لأن النص أقوى من العرف، والأقوى لا يترك بالأدنى. وقد أشرت إلى أن أبا يوسف ذهب إلى أن المقياس المعتبر في الأموال الربوية في المنصوص عليه وغيره هو المقياس العرفي وأنه يتبدل بتبدل العرف، ورأيه أقوى حجة؛ لأن النص الذي ورد بلزوم التساوي في الربويات كيلاً أو وزناً، مراعى فيه المقياس المتعارف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وإثبات العلة في المقيس على النص مما يدرك هنا بالعرف، ويؤيده أن المالكية قالوا: إذا اختلفت


(١) رواه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمر، وأخرجه أيضاً البزار، وصححه ابن حبان والدارقطني (نيل الأوطار: ١٩٨/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>