وعند الحنابلة: هم أهل الحرم، ومن بينه وبين مكة دون مسافة القصر؛ لأن حاضر الشيء: من دنا منه، ومن دون مسافة القصر قريب في حكم الحاضر، كما قال الشافعية، بدليل أن من قصده لا يترخص رخص السفر.
وإذا كان للمتمتع قريتان: قريبة وبعيدة، فهو من حاضري المسجد الحرام؛ لأن له أن يحرم من القريبة، فلم يكن بالتمتع مترفهاً بترك أحد السفرين.
وعليه: إن دخل الآفا قي مكة متمتعاً ناوياً الإقامة بها، بعد تمتعه، فعليه دم المتعة.
وإذا ترك الآفاقي الإحرام من الميقات، ثم نوى العمرة وحل منها، وأحرم بالحج من مكة من عامه، فهو متمتع، عليه دمان: دم المتعة، ودم ترك الإحرام من الميقات.
الصيام بدل دم المتعة: إن لم يجد المتمتع الهدي، ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى وطنه. وتعتبر القدرة على الهدي في موضعه، فمتى عدمه في موضعه، جاز له الانتقال إلى الصيام، وإن كان قادراً علىه في بلده؛ لأن وجوبه موقت، وما كان وجوبه موقتاً اعتبرت القدرة عليه في موضعه، كالماء في الطهارة إذا عدمه في مكانه، انتقل إلى التراب. ولا يجب التتابع في أيام الصوم، وإنما يندب.
وإذا لم يصم المتمتع الأيام الثلاثة في الحج، فإنه يصومها بعد ذلك عند الجمهور غير الحنفية، وتعين عليه الدم عند الحنفية، ولا يجزيه الصوم في وطنه، والأظهر عند الشافعية أنه يلزمه أن يفرق في قضائها بينها وبين السبعة.
ومن شرع في الصيام، ثم قدر على الهدي، لم يكن عليه عند الحنابلة