للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحرية فليست بشرط لصحة النذر، فيصح نذر المملوك. وكذلك الاختيار أو الطواعية ليس بشرط عند الحنفية، وهو شرط عند الشافعية فلا يصح نذر المكره عندهم لخبر: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ومااستكرهوا عليه» (١).

وأما شروط المنذور به فهي مايلي (٢):

أولاً ـ أن يكون المنذور به متصور الوجود في نفسه شرعاً: فلا يصح النذر بما لايتصور وجوده شرعاً كمن قال: (لله علي أن أصوم ليلاً) أو قالت المرأة: (لله علي أن أصوم أيام حيضي) لأن الليل ليس محل الصوم، والحيض مناف له شرعاً؛ إذ الطهارة عن الحيض والنفاس شرط وجود الصوم الشرعي.

ثانياً ـ أن يكون المنذور به قربة: كصلاة وصيام وحج وصدقة، فلا يصح النذر بما ليس بقربة كالنذر بالمعاصي بأن يقول: (لله علي أن أشرب الخمر) أو (أقتل فلاناً) أو (أضربه) أو (أشتمه) وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم (٣) لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لانذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم» (٤) وقوله عليه السلام: «لا نذر إلا مايُبتغى به وجه الله تعالى» (٥) وقوله أيضاً:

«من نذر أن يطيع


(١) رواه الطبراني في الكبير عن ثوبان، وهو حديث صحيح، وروي عن غيره، وقد سبق تخريجه، وهو بلفظ: «إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة: الخطأ والنسيان وماأكرهوا عليه».
(٢) البدائع، المرجع السابق: ص ٨٢ ومابعدها.
(٣) انظر بداية المجتهد: ٤٠٩/ ١، المحلى: ٣/ ٨، مختصر الطحاوي: ص ٣١٦، مغني المحتاج: ٣٥٤/ ٤، المغني: ٣/ ٩، المهذب: ٢٤٢/ ١، القوانين الفقهية: ص ١٦٨.
(٤) رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن عمران بن حصين رضي الله عنه، وروى النسائي وأبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا نذر، ولا يمين فيما لا تملك، ولا في معصية، ولا في قطيعة رحم» (نصب الراية: ٣٠٠/ ٣، جامع الأصول: ١٨٨/ ١٢، نيل الأوطار: ٢٣٨/ ٨).
(٥) رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص (جامع الأصول، المرجع السابق) وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله تعالى» (نيل الأوطار: ٢٤٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>