للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النذر لو كان مستحباً لفعله النبي صلّى الله عليه وسلم وأفاضل أصحابه، لكن مع هذا من نذر طاعة لله عز وجل لزمه الوفاء بها بأدلة من القرآن والسنة والمعقول (١).

أما القرآن: فقوله تعالى: {وليوفوا نذورهم} [الحج:٢٩/ ٢٢] {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا} [الإنسان:٧/ ٧٦] {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:١/ ٥] {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء:٣٤/ ١٧] {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} [النحل:٩١/ ١٦] والنذر نوع من العهد من الناذر مع الله عز وجل، والعقود: العهود.

وأما السنة: ـ فقوله عليه السلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» وقوله عليه الصلاة والسلام «من نذر وسمى (٢) فعليه الوفاء بما سمى» (٣) وكلمة «على» تفيد الإيجاب.

وأما المعقول: فهو أن المسلم يحتاج إلى أن يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بنوع من القرب المقصودة التي يجوز له تركها، طمعاً في نيل الدرجة العليا عند الله تعالى، وبما أن النذر يوجب فعل المنذور به، فيكون النذر طريقاً لإلزام النفس فعل الشيء ومنعها من الترك، فيتحقق المقصود للناذر.

وقد فصل الحنفية حكم ما يجب الوفاء به بالنظر لتسمية المنذور به وعدم تسميته فقالوا:


(١) المحلى: ٣/ ٨، المغني: ١/ ٩، مغني المحتاج: ٣٥٤/ ٤، البدائع: ٩٠/ ٥، بداية المجتهد: ٤٠٩/ ١، الشرح الكبير لللدردير: ١٦٢/ ٢.
(٢) أي سمى شيئاً يفعله كالصلاة والصوم والحج ونحوها من الطاعات.
(٣) قال الزيلعي في نصب الراية: ٣٠٠/ ٣ عن هذا الحديث: غريب. وفي وجوب الوفاء بالنذر أحاديث ذكر منها أحاديث ابن عباس وعائشة وابن عمر وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (وراجع أيضاً فتح القدير: ٢٧/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>