٥ - هلاك مال المضاربة في يد المضارب: إذا هلك رأس المال في يد المضارب قبل أن يشتري به شيئاً بطلت المضاربة؛ لأن المال تعين لعقد المضاربة بالقبض، فيبطل العقد بهلاكه كالوديعة.
وكذا تبطل المضاربة باستهلاك المضارب مال المضاربة أو إنفاقه أو دفعه إلى غيره، فاستهلكه، حتى إن المضارب لا يملك أن يشتري به شيئاً للمضاربة. فإن أخذ المضارب مثل المال من الذي استهلكه، كان له أن يشتري به على المضاربة.
هذه هي الحالات التي تبطل بها المضاربة كما ذكر الحنفية. وإذا انفسخت المضاربة ومال المضاربة ديون على الناس، وامتنع المضارب عن تقاضي الديون وقبضها: فإن كان المضارب قد ربح، أجبره الحاكم على اقتضاء الديون، لأنه بمنزلة الأجير، والربح كالأجر له، والأجير مجبور على العمل فيما التزم. وإن لم يكن هناك ربح لم يلزمه اقتضاء الدين، لأنه يعتبر وكيلاً، والوكيل متبرع، والمتبرع لا يجبر على إيفاء ما تبرع به، غير أنه يؤمر المضارب أو الوكيل أن يحيل رب المال على الذي عليه الدين، حتى يمكنه قبضه؛ لأن حقوق العقد ترجع إلى العاقد، فلا تثبت ولاية القبض لرب المال إلا بالحوالة من العاقد، فيلزمه أن يحيله حتى لا يضيع حقه.
وما هلك من مال المضاربة فهو من الربح دون رأس المال؛ لأن الربح تابع للمال، ورأس المال أصل له، ولا يعتبر التبع قبل حصول الأصل، فيكون صرف الهلاك إلى التابع أولى. فإذا زاد الهلاك على الربح فلا ضمان على المضارب؛ لأنه أمين.