للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنوع الأول هو المحرم بنص القرآن وهو ربا الجاهلية، وأما الثاني فقد ثبت تحريمه في السنة بالقياس عليه لاشتماله على زيادة بغير عوض، وأضافت السنة تحريم نوع ثالث وهو بيع النَّساء إذا اختلفت الأصناف، فاعتبرته ربا؛ لأن النَّساء في أحد العوضين يقتضي الزيادة. ويساويه في المعنى القرض الذي يجر نفعاً؛ لأنه مبادلة الشيء نفسه (١).

وحكم عقد الربا سواء ربا الفضل وربا النسيئة: حرام باطل عند الجمهور، فلا يترتب عليه أي أثر، فاسد عند الحنفية.

[المطلب الثاني ـ أنواع الربا]

ربا البيع عند جمهور الفقهاء نوعان: ربا الفضل وربا النسيئة (٢). وقد عرف فقهاء الحنفية ربا الفضل (٣) الذي هو بيع: بأنه زيادة عين مال في عقد بيع على المعيار الشرعي (وهو الكيل أو الوزن) (٤) عند اتحاد الجنس. ولم نقل: (شرطت في عقد بيع) كما ذكر الكاساني؛ لأن ترك ذلك أولى فإن الربا يتحقق بالزيادة المشروطة وغير المشروطة في البيع أو في القرض، والقصد من قوله (عين مال) هو


(١) راجع الموافقات للشاطبي: ٤ ص ٤٠ ط مصطفى محمد.
(٢) البدائع: ٥ ص ١٨٣، بداية المجتهد: ٢ ص ١٢٩، حاشية الدسوقي: ٣ ص ٤٧، المغني:٤ ص ١، أعلام الموقعين: ٢ ص ١٣٥.
(٣) سماه ابن القيم الربا الخفي الذي كان تحريمه من باب سد الذرائع كما صرح به في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الرِّماء» أي الربا.
(٤) المعيار الشرعي أي بحسب العادة في بيع الأشياء عند أبي يوسف: وهو الكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن أي أن الربا محصور في دائرة المكيلات والموزونات، والمقصود بقوله «زيادة عين مال» الزيادة المادية الملموسة في أحد العوضين عن الآخر بغض النظر عن الزيادة في القيمة، فإذا حصلت زيادة عينية في مال وجد الربا، وإن كان المالان مختلفين أو متساويين في القيمة الشرائية.

<<  <  ج: ص:  >  >>