٥٧ - علمنا مما سبق أن المسلمين إخوة وأمة واحدة مهما نأت بهم الديار، ومقتضى ذلك أنه يجب عليهم جميعاً المشاركة في الآلام، والسعي لتحقيق الآمال الكبرى، والتعاون البناء في سبيل خير الجماعة، والحفاظ على وحدة الأمة، وتنمية الروابط المشتركة فيما بينها، وعلى الدولة التي تمثل المسلمين أن تسعى دائماً لشد أزر عُرَى التضامن الأخوي، ودعم وحدة الأمة وتعاون أفرادها في شتى الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية تنفيذاً لقوله تعالى:{إن هذه أمتكم أمة واحدة}[الأنبياء:٩٢/ ٢١]{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون}[آل عمران:١٠٣/ ٣]{إنما المؤمنون إخوة}[الحجرات:١٠/ ٤٩]{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}[الفتح:٢٩/ ٤٨].
فبالوحدة تتوصل الدولة المسلمة إلى نهضة حيوية شاملة في جميع مرافق الحياة وتصبح عزيزة الجانب مرهوبة السلطان.
ولقد حذر الإسلام من التفرق والفتن والاختلاف، وذكَّر المسلمين في كل آونة بأنهم إخوة في السراء والضراء للحفاظ على الوحدة المنشودة، فقال:«المسلم أخو المسلم لايظلمه، ولايخذله، ولايكذبه، ولايحقره .. »(١) «المؤمن للمؤمن
(١) رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة (الترغيب والترهيب: ٦٠٩/ ٣ ومابعدها، شرح مسلم: ١٣٩/ ٦) وفي رواية أخرى لمسلم عن الزهري عن سالم عن أبيه: «المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» (شرح مسلم: ١٣٤/ ١٦).