للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله بيع مال القاصر مبادلة بعرض آخر، ونسيئة (مؤجلة) للمصلحة التي يراها فيهما، كأن يكون في الأول ربح، وفي الثاني زيادة لائقة، أو خاف عليه من نهب أو إغارة. وإذا باع نسيئة أشهد على البيع وجوباً وارتهن بالثمن رهناً وافياً به. ويشترط أن يكون المشتري موسراً ثقة، والأجل قصيراً عرفاً، احتياطاً للمحجور عليه، فإن لم يفعل ذلك، ضمن، وبطل البيع على الأصح. ولا يودع ماله، ولا يقرضه من غير حاجة؛ لأنه يخرجه من يده. ويزكي ماله وجوباً، لأن الولي قائم مقام القاصر، وينفق عليه بالمعروف في طعام وكسوة مما لا بد منه، بما يليق به في إعساره ويساره، فإن قتَّر أثم، وإن أسرف أثم وضمن.

فإن ادعى الصغير بعد بلوغه على الأب والجد بيعاً لماله، ولو عقاراً، بلا مصلحة، صدق الأب والجد باليمين؛ لأنهما لا يتهمان لوفور شفقتهما. وإن ادعاه على الوصي أو أمين القاضي، صدق الولد للتهمة في حقهما. وإن أراد الولي أن يبيع مال القاصر بماله: فإن كان أباً أو جداً جاز البيع؛ لأنهما لا يتهمان فيه، لكمال شفقتهما، وإن كان غيرهما لم يجز، لما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يشتري الوصي من مال اليتيم» (١) ولأنه متهم بمراعاة مصلحته في بيع مال القاصر من نفسه.

وقال الحنابلة (٢) كالشافعية تقريباً: لا يجوز لولي الصغير والمجنون أن يتصرف في مالهما إلا على وجه الحظ (المصلحة) لهما، لقوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الإسراء:٣٤/ ١٧].

فإن تبرع بهبة أو صدقة، أو حابى بأن اشترى بزيادة، أو باع بنقصان، أو زاد


(١) رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح عن صلة بن زفر عن ابن مسعود من قوله (مجمع الزوائد: ٢١٤/ ٤).
(٢) كشاف القناع: ٤٣٥/ ٣ - ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>