للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الغاصب، فالأمر فيه ظاهر، وهو أولى بعدم القطع من المنتهب. وإذا لم تقطع يد هؤلاء، يكف عدوانهم بالضرب والنكال والسجن الطويل، والعقوبة بأخذ المال.

حكم السرقة: الأصل في مشروعية حد السرقة قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة:٣٨/ ٥] وقال صلّى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا

إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه» (١). وفي رواية: «أقاموا عليه الحد» وإذا ثبتت السرقة فالواجب فيها القطع من حيث هي جناية، والغرم إذا لم يجب القطع.

واختلفوا: هل يجمع بين الضمان والقطع؟ لا خلاف بين العلماء في أنه إذا قطع السارق، والعين قائمة، ردت على صاحبها، لبقائها على ملكه. فإن كانت تالفة اختلفوا في ضمانها، فقال الحنفية: إذا هلك المسروق، فلا يجتمع على السارق وجوب الغرم (أي الضمان) مع القطع. فإن اختار المسروق منه الغرم لم يقطع السارق، أي قبل وصول الأمر إلى الحاكم. وإن اختار القطع، واستوفي منه لم يغرم السارق؛ لأن الشارع سكت عن الغرم، فلا يجب مع القطع شيء. قال الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، جزاء بما كسبا} [المائدة:٣٨/ ٥] فالله سبحانه جعل القطع كل الجزاء، فلو أوجبنا الضمان، لصار القطع بعض الجزاء، فيكون نسخاً لنص القرآن (٢).


(١) رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن عائشة، ورواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات عن أم سلمة (راجع جامع الأصول: ٣١٤/ ٤، مجمع الزوائد: ٢٥٩/ ٦، نيل الأوطار: ١٣١/ ٧، ١٣٦).
(٢) البدائع: ٨٤/ ٧، فتح القدير: ٢٦١/ ٤، المبسوط: ١٥٦/ ٩، تبيين الحقائق: ٢٣١/ ٣، مجمع الضمانات: ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>