اجتمع الحلال والحرام، غلب الحرام الحلال، ولقوله تعالى:{وليستعفف الذين لايجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله}[النور:٣٣/ ٢٤] ولحديث «يا معشر الشباب» السابق الذي يرشد إلى الصوم لعصمة النفس من الشهوات. وربما قيل: يفضل الزواج حينئذ؛ لأن الرجل بعد الزواج تلين طباعه، وترتقي معاملته، وتخف قسوته وتزول عُقَده، ولأن في عدم الزواج غلبة الظن في الوقوع بالزنا.
٣ - الكراهة: يكره الزواج إذا خاف الشخص الوقوع في الجور والضرر خوفاً لا يصل إلى مرتبة اليقين إن تزوج، لعجزه عن الإنفاق، أوإساءة العشرة، أو فتور الرغبة في النساء. وتكون الكراهة عند الحنفية تحريمية أو تنزيهية بحسب قوة الخوف وضعفه. ويكره عند الشافعية لمن به علة كهرم أو مرض دائم أو تعنين دائم، أو كان ممسوحاً، ويكره أيضاً عندهم نكاح بعد خطبة على خطبة غيره إن عُرِّض فيها بالإجابة، ونكاح المحلل إذا لم يشرط في العقد مايخل بمقصوده، ونكاح الغرور كأن غرر الزوج بإسلام امرأة أو بحريتها أو بنسب معين.
٤ - الاستحباب أو الندب في حال الاعتدال: يستحب عند الجمهور غير الشافعي الزواج إذا كان الشخص معتدل المزاج، بحيث لا يخشى الوقوع في الزنا إن لم يتزوج، ولا يخشى أن يظلم زوجته إن تزوج. وحالة الاعتدال هذه هي الغالبة عند أكثر الناس.
ودليل كون الزواج سنة الحديث السابق:«يا معشر الشباب» وحديث الرهط الثلاثة الذين عزموا على أمور، الأول ـ أن يصلي الليل أبداً، والثاني ـ أن يصوم الدهر أبداً، والثالث ـ أن يعتزل النساء فلا يتزوج أبداً، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم:«أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني»(١).
(١) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه (جامع الأصول: ٢٠١/ ١).