للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعية (١): لصاحب الحق استيفاء حقه بنفسه بأي طريق، سواء أكان من جنس حقه، أم من غير جنسه، لقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} [الشورى:٤٠/ ٤٢]، {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل:١٢٦/ ١٦] والمثلية ليست من كل وجه، وإنما في المال. ولقوله عليه السلام: «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به» (٢).

ووافق الحنفية (٣) على رأي الشافعية فيما إذا كان المأخوذ من جنس حقه لا من غيره، والمفتى به اليوم كما قال ابن عابدين جواز الأخذ من جنس الحق أو من غيره، لفساد الذمم والمماطلة في وفاء الديون.

ويلاحظ أن هذا البحث المسمى فقهاً «الظفر بالحق» من أهم أحكام المعاملات التي يفرق فيها بين الأحكام القضائية والأحكام الديانية.

والخلاصة: أن من وجد عين حقه عند آخر مالاً أو عروضاً (سلعاً) وكان مماطلاً في رده أو جاحداً الدين، فيباح له باتفاق الفقهاء أخذه ديانة لا قضاء للضرورة، عملاً بالحديث السابق: (من وجد عين ماله فهو أحق به) (٤).

نوع المأخوذ: الأصل في استيفاء الحق أن يكون بالعدل، فلا يزاد عليه فإن كان الحق معلوم النوع محدد المقدار كثمن دار وأجرتها وبدل قرض فلا تجوز الزيادة عليه في الاستيفاء وفي حكم القاضي.

وإن كان الحق مطلقاً غير محدد النوع أو المقدار، فيحمل على الوسط


(١) مغني المحتاج: ١٦٢/ ٤، المهذب: ٢٨٢/ ٢.
(٢) رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن سمرة بن جندب.
(٣) فتح القدير: ٢٣٦/ ٤، رد المحتار والدر المختار: ٢١٩/ ٣ ومابعدها، ٢٦٥.
(٤) نظرية الضرورة الشرعية للمؤلف: ص ١٨٨ ومابعدها، ط أولى أو مابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>