للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحباب إكرام الشعر بالدهن والتسريح وإعفائه عن الحلق؛ لأنه يخالف الإكرام إلا أن يطول، أخرج مالك عن عطاء بن يسار قال: «أتى رجل النبي ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل، ثم رجع، فقال صلّى الله عليه وسلم: أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر

الرأس (١) كأنه شيطان».

ويكره نتف الشيب، لما رواه أحمد وأبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» قال النووي: لو قيل: يحرم النتف للنهي الصريح لم يبعد، وقال: ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس والشارب والحاجب والعذار من الرجل والمرأة.

وأما خضاب الشعر بالأحمر والأصفر والأسود وغير ذلك من الألوان فهو جائز، إلا عند الشافعية، فإنه يحرم الخضاب بالسواد وقال غيرهم بالكراهة فقط، لما رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي عن جابر بن عبد الله قال: جيء بأبي قحافة (٢) يوم الفتح إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكأن رأسه ثُغَامة (٣)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اذهبوا به إلى بعض نسائه، فلتغيره بشيء، وجنِّبوه السواد».

وفي الحديث المتفق عليه بين أحمد والشيخين عن محمد بن سيرين قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: «إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيراً، ولكن أبا بكر وعمر بعده خضّبا بالحِنَّاء والكَتَم» (٤).


(١) الثائر: الشعث بعيد العهد بالدهن والترجيل.
(٢) أبو قحافة: هو والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(٣) ثغامة: قال أبو عبيد: هو نبت أبيض الزهر والثمر، يشبه بياض المشيب به.
(٤) الحناء: معروف، لون صباغة أحمر فاتح، والكتَم والكُتمان، نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر، وهو النبت المعروف بالوسمة يعني ورق النيل، ورقه كورق الآس يخضب به مدقوقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>