امرأته بغير إذنها؛ لأن العادة لم تجر به. ومن يقوم مقام المرأة كالأخت والخادمة والغلام المتصرف في مال سيده، هو كالزوجة، يجوز له الصدقة بنحو رغيف من مال رب البيت، ما لم يمنع أو يكن بخيلاً، أو يضطرب العرف ويشك في رضاه.
والرواية الثانية ـ لا يجوز، لما روى أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «لا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها، قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟
قال: ذاك أفضل أموالنا» (١)، ولأنه تبرع بمال غيره، بغير إذنه، فلم يجز للغير وللزوجة.
قال ابن قدامة الحنبلي: والأول أصح؛ لأن الأحاديث فيها (أي في الرواية الأولى) خاصة صحيحة، والخاص يقدم على العام ويبينه، ويعرِّف أن المراد بالعام غير هذه الصورة المخصوصة. وحديث الباهلي ضعيف. ولا يصح قياس المرأة على غيرها؛ لأنه بحكم العادة تتصرف في مال زوجها وتتبسط فيه، وتتصدق منه لحضوره وغيبته، والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي، فصار كأنه قال لها: افعلي هذا.
[المطلب العاشر ـ الحجر على المدين وأثره (التفليس)]
أولاً ـ تعريف التفليس والمفلس: التفليس لغة: النداء على المفلس، وشهره بين الناس بصفة الإفلاس المأخوذ من الفلوس التي هي أخس الأموال. وشرعاً: جعل الحاكم المديون مفلساً بمنعه من التصرف في ماله أو خلع الرجل عن ماله للغرماء.
(١) رواه سعيد بن منصور في سننه، وفي معناه أحاديث: حرمة مال الإنسان بغير طيب منه، وتحريم الأموال والدماء بين المسلمين.