للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب مالك وابن القاسم، وهو الراجح الذي به الفتوى: أنه لا يشترط -كما في شركة الأموال- خلط البذرين حقيقة ولا حكماً، بل إذا خرج كل منهما ببذره وكان بذر كل منهما مستقلاً عن الآخر، فالشركة صحيحة.

وبه يتبين أن المالكية يشترطون تقديم البذر من كلا العاقدين، وتساويهما فيه نوعاً، وتماثلهما في الربح وفيما يقدم كل منهما من شيء عيني كالأرض، وما يقابلها من منفعة حيوان وعمل، وألا تكون المزارعة بجزء ناتج من الأرض، وإنما بعوض آخر غير محصول الأرض. ويلاحظ أن هذه الشروط شديدة لا تنطبق مع واقع المزارعة القائم.

أما الشافعية (١): فلم يشترطوا في المزارعة التي تصح تبعاً للمساقاة أن يتساوى العاقدان في الجزء المشروط من الثمر والزرع، فيصح أن يشرط للعامل نصف الثمر، وربع الزرع مثلاً. كذلك حددوا محل منع كراء الأرض بما يخرج منها بما إذا كان المشروط من خصوص بقعة معينة. وقالوا: إن المزارعة: هي عمل الأرض بما يخرج منها، والبذر من المالك.

وأما الحنابلة (٢): فأجازوا المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض، ولم يشترطوا تساوي العاقدين في الناتج. واشترطوا كالشافعية في ظاهر المذهب كون البذر من المالك رب الأرض، وروي عن أحمد ما يدل على أن البذر يجوز أن يكون من العامل. واشترطوا بيان نصيب كل واحد من العاقدين، فإن جهل النصيب فسدت المزارعة، كما اشترطوا أيضاً معرفة جنس البذر وقدره؛ لأن المزارعة معاقدة على عمل، فلم تجز على غير معلوم الجنس والقدر، كالإجارة.


(١) مغني المحتاج: ٣٢٣/ ٢ - ٣٢٥.
(٢) المغني: ٣٨٢/ ٥، ٣٨٨، ٣٩٢، كشاف القناع: ٥٣٣/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>