بالنسبة للاقتصاد العام، حيث يحافظ على الإنتاج، لو تركت الأرض في أيدي أهلها لطول خبرتهم بها، وتمرنهم على شؤون الزراعة، بخلاف العرب الذين لم يكونوا يألفون حياة الزراعة والاستقرار في المدينة.
يتلخص من هذه الأدلة: أنه قد حصل بدلالة الآية وإجماع السلف والسنة تخيير الإمام في قسمة الأرضين، أو تركها ملكاً لأهلها، ووضع الخراج عليها.
وأرجح اعتبار الفيء والغنيمة بمعنى واحد: وهو كل ما جاء من العدو، كما تقضي اللغة، فيخير الإمام بكل منهما على حدة بين القسمة وعدمها على وفق مقتضيات المصلحة العامة كما رأى عمر رضي الله عنه.
٢ - الأرض التي جلا عنها أهلها خوفا ً:
هذا النوع الثاني من الأرضين هو المعروف لدى الفقهاء بالفيء: وهو المال الذي حصل من الحربيين بلا قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب، كالجزية والعشور التجارية (١).
وحكمها: أنها تنتقل ملكيتها إلى بيت المال بالاستيلاء عليها، وتصير أملاك دولة، وعبر عنها الفقهاء بأنها تصير وقفاً، أي ملكاً للأمة الإسلامية بمجرد الاستيلاء عليها، ويضع الإمام عليها خراجاً يؤخذ كأجرة ممن يعامل عليها من مسلم أو معاهد. وصيرورتها وقفاً لأنها ليست غنيمة، فكان حكمها حكم الفيء يكون للمسلمين كلهم. ولم يختلف في هذا فقهاؤنا بالنسبة للعقار، إلا أن
(١) بداية المجتهد: ٣٨٩/ ١، المهذب: ٢٤٧/ ٢، نهاية المحتاج: ١٠٥/ ٥، أحكام أهل الذمة لابن القيم: ص ١٠٦.