للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إجماع الصحابة رضي الله عنهم، على ما ارتآه عمر، حينما فتح سواد العراق، فقد ترك الأراضي في أيدي أهلها، وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، بمحضر من الصحابة محتجاً بآيات الحشر السابق ذكرها، ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر، فكان ذلك إجماعاً منهم. ومن خالف منهم في مبدأ الأمر كبلال وسلمان، عاد فوافق بعدئذ (١).

٤ - المعقول: إذا قسمت بين الغانمين الأرض المفتوحة التي كادت تشمل معظم العالم في أوج الفتوحات الإسلامية، فماذا يبقى لمن يأتي بعدهم؟

ومن أين تجد خزانة الدولة نفقاتها لإنفاقها في المصالح العامة للمسلمين؟

لهذا قال عمر، بعد أن تلا آيات الفيء في سورة الحشر: «قد أشرك الله الذين يأتون من بعدكم في هذا الفيء، فلو قسمته لم يبق لمن بعدكم شيء، ولئن بقيتُ ليبلغن الراعي بصنعاء نصيبه من هذا الفيء، ودمه في وجهه».

وقال أيضاً: «أرأيتم هذه الثغور لا بد لها من رجال يلتزمونها، أرأيتم هذه المدن العظام، كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر، لا بد لها من أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم، فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟» فقالوا جميعاً: الرأي رأيك، فنعم ما قلت وما رأيت (٢).

وإذا قسمت الأرض بين الغانمين واشتغلوا بالزراعة، وتركوا الجهاد، فسرعان ما تضعف الأمة الإسلامية، وتصبح نهبة للطامعين؛ بل إن في ذلك أمراً مهماً


(١) انظر الخراج لأبي يوسف: ص ٢٧، ٣٥، شرح السير الكبير: ٢٥٤/ ٣، القسطلاني: ٢٠٠/ ٥، الأموال: ص ٥٨.
(٢) شرح السير الكبير: ٢٥٤/ ٣، الخراج لأبي يوسف: ص ٢٤ ومابعدها، الأموال لأبي عبيد: ص٥٧، فتوح البلدان: ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>