ففي حال الإثبات: يحلف على فعل نفسه أنه فعل كذا، وفي حال النفي: يحلف أنه ما فعل كذا. وأما ما يتعلق بفعل غيره، فإن كان إثباتاً، مثل أن يدعي أنه أقرض أو باع، ويقيم شاهداً بذلك، فإنه عند الجمهور غير الحنفية يحلف مع شاهده على البت والقطع، فيقول والله إنه باع؛ لأن حال الإثبات يستطيع الإنسان الاطلاع عليها. وإن كان على نفي العلم مثل أن يدعى عليه دين أو غصب أو جناية، فإنه يحلف على نفي العلم لا غير، فيقول: والله لا أعلم أنه مدين، أو لا أعلم أن له وارثاً غير فلان، بدليل قصة الحضرمي السابقة.
وقال الحنفية والإمامية (١): يحلف الشخص في فعل غيره على نفي علمه مطلقاً، سواء أكان إثباتاً أم نفياً، لما ثبت في الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم حلف اليهود في القسامة:«بالله ما قتلتم ولا علمتم له قاتلاً» ولأن الإنسان لا علم له بفعل غيره ولا يدرك حقيقةتصرفاته، فيحلف على نفي العلم.
النية في اليمين: اليمين غير القضائية التي يحلفها الحالف باختياره، أو يطلبها شخص منه دون أن يكون له عليه حق اليمين، تكون على نية الحالف في كل الأحوال، ويجوز للحالف التورية في يمينه، بأن يقصد فيها غير المعنى المتبادر من اللفظ أو ينوي فيها خلاف الظاهر، للحديث المشهور الذي رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن عمر:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وقد حكى القاضي عياض الإجماع على أن الحالف من غير استحلاف ومن غير تعلق حق بيمينه، له نيته ويقبل قوله.
أما اليمين القضائية الموجهة من القاضي أو نائبه لفصل الخصومة والنزاع،
(١) البحر الرائق: ٢١٧/ ٧، المختصر النافع في فقه الإمامية: ص ٢٨٢.