للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاسعاً ـ تكرار الجماعة في المسجد: عرفنا في مكروهات الصلاة سابقاً أن الحنفية (١) قالوا: يكره تكرار الجماعة بأذان وإقامة في مسجد مَحِلِّة، إلا إذا صلى بهما فيه أولاً غير أهله، أو أهله لكن بمخافته الأذان، أو كرر أهله الجماعة بدون الأذان والإقامة، أو كان مسجد طريق، أو مسجداً لا إمام له ولا مؤذن، ويصلي الناس فيه فوجاً فوجاً، والأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة.

والمراد بمسجد المحلة: ما له إمام وجماعة معلومون. والكراهة إذا تكرر الأذان، فلو صلى جماعة في مسجد المحلة بغير أذان أبيح، لكن ظاهر الرواية عند الحنفية أنه مكروه، فما يفعل في بعض المساجد من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه عندهم.

ودليلهم: أنه عليه الصلاة والسلام كان قد خرج، ليصلح بين قوم، فعاد إلى المسجد، وقد صلى أهل المسجد، فرجع إلى منزله، فجمع أهله وصلى. ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد. ولأن ذلك حامل على تكثير الجماعة، فلو أبيح التكرار بدون كراهة لا يجتمع الناس، لعلمهم أن الجماعة لا تفوتهم.

أما مسجد الشارع، فالناس فيه سواء، لا اختصاص له بفريق دون فريق. وعلى هذا لا يكره تكرار الجماعة في مساجد الطرق: وهي ما ليس لها إمام وجماعة معينون.

وقال المالكية (٢): يكره تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب، وكذلك


(١) الدر المختار ورد المحتار:٥١٦/ ١.
(٢) الشرح الصغير:٤٣٢/ ١،٤٤٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>