للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: «إن في المال حقاً سوى الزكاة» (١)، وقال سيدنا عمر رضي الله عنه: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء، فرددتها إلى الفقراء». قال ابن حزم (٢) في كتاب المحلى: «فرض على الأغنياء من كل بلد أن يقوموا بفقرائها، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ولا في سائر أموال المسلمين، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه، ومن اللباس في الشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنُّهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة» (٣).

٤ - الإنفاق على الأقارب: يجب على الإنسان أن يكفي أقاربه إذ اكانوا محتاجين كالآباء والأجداد والأبناء وفروعهم. وأما الإخوة وفروعهم والأعمام والعمات والأخوال والخالات، فقد اختلفت المذاهب في أمر الإنفاق عليهم، فأوجب الحنفية الإنفاق على كل ذي رحم محرم كالعم والأخ وابن الأخ والعمة والعم والخال، وألزم الحنابلة النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب كالأخ


(١) رواه الترمذي عن فاطمة بنت قيس بلفظ «إن في المال حقاً سوى الزكاة» وتلا قوله تعالى {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر} [البقرة:١٧٧/ ٢]. وقال: «إسناده ليس بذاك» (انظر التلخيص الحبير: ص ١٧٧، أحكام القرآن للجصاص: ١٥٣/ ١) وروى ابن حزم عن ابن عمر أنه قال: «في مالك حق سوى الزكاة» ثم قال: وصح عن الشعبي ومجاهد وطاوس وغيرهم كلهم يقول: في المال حق سوى الزكاة، ثم ذكر أنه لا خلاف في هذا إلا عن الضحاك بن مزاحم، وهو ليس بحجة.
(٢) يعتبر ابن حزم بعد أبي ذر الغفاري مفكر الاشتراكية الإسلامية، فهو أول من نظر في استنباط الأحكام إلى الحياة الإنسانية التي جاءت الأحكام لتنظيمها، فأحس بمشكلة الفقر في المجتمع، وأهم مظاهر الفقر: الجوع والعري وفقد المأوى، وهذه في الواقع هي الحاجات الأساسية للبشرية، ثم قرر أن الزكاة ليست كل الواجب، وأن الواجب الإسلامي لا يتم إلا بتحقيق وسائل الحياة الكريمة للطبقة الفقيرة، وبذلك يكون للفقراء حق في أموال الأغنياء غير مقيد بالزكاة، وأن للدولة أن تأخذ من الأغنياء ما يمكن أن يسد حاجات الفقراء (انظر بحث الدكتور إبراهيم اللبان وموضوعه «حق الفقراء في أموال الأغنياء» المنشور مع بحوث المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية: ص ٢٤٩ ومابعدها.
(٣) المحلى: ٤٥٢/ ٦ م ٧٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>