للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لا يجوز له شيء من أفعال الحج إلا في أشهره، فمتى أحرم انعقد إحرامه؛ لأنه مأمور بالإتمام، ولأن الإحرام عند الحنفية شرط، فأشبه الطهارة في جواز التقديم على الوقت، ولأن الإحرام تحريم أشياء وإيجاب أشياء، وذلك يصح في كل زمان، فصار كتقديم الإحرام على الميقات المكاني، فهم شبهوا ميقات الزمان بميقات المكان، وعلى كل: يكره الإحرام بالحج قبل أشهر الحج، لما أخرجه البخاري عن ابن عباس: «من السنة ألا يُحرَم بالحج إلا في أشهر الحج».

وأما الشافعية (١) فقالوا كالحنفية والحنابلة: أشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة: وهو إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر، لكنهم رأوا أنه إن أحرم شخص بالحج في غير أشهره، انعقد إحرامه بالعمرة؛ لأنها عبادة مؤقتة، فإذا عقدها في غير وقتها، انعقد غيرها من جنسها، كصلاة الظهر إذا أحرم بهاقبل الزوال، فإنه ينعقد إحرامه بالنفل، فهم شبهوا ميقات الزمان بوقت الصلاة، فلا يقع الحج قبل الوقت. ودليلهم الآية: {الحج أشهرٌ معلومات} [البقرة:١٩٧/ ٢] تقديره وقت الحج أشهر، أو أشهر الحج أشهر معلومات، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ومتى ثبت أنه وقته، لم يجز تقديم إحرامه عليه كأوقات الصلوات.

ولا يصح في السنة الواحدة أكثر من حجة؛ لأن الوقت يستغرق أفعال الحجة الواحدة، فلا يمكن أداء الحجة الأخرى.

٢ - وقت العمرة: اتفق العلماء (٢) على أن العمرة تجوز في أي وقت من أوقات السنة، في أشهر الحج وغيرها، أي إن ميقات العمرة الزماني جميع العام، فهو وقت لإحرام العمرة، لعدم المخصص لها بوقت دون آخر، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلم


(١) مغني المحتاج: ٤٧١/ ١، المهذب: ٢٠٠/ ١.
(٢) اللباب:٢١٥/ ١، بداية المجتهد: ٣١٥/ ١، المجموع: ١٣٣/ ٧ ومابعدها، المهذب: ٢٠٠/ ١، مغني المحتاج: ٤٧١/ ١، كشاف القناع: ٤٧٢/ ٢، المغني: ٢٢٦/ ٣، القوانين الفقهية: ص١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>